Monday, June 13, 2011

مسرحية الليلة الحالكة

 عايشت النخبة المسرحية مؤخرا أمسية مسرحية عمانية، محفوفة بروح الشباب من خلال عرض مسرحية ( الليلة الحالكة ) التي قدمِت على مسرح الكلية لتقنية بالخوير بمسقط، التي أثبتت أنه رغم التحديات الحالكة التي تواجه المسرح والدراما العمانية، إلا أن الرغبة في التعبير عن المشاعر الإنسانية ستطاعت أن تتواصل مع المشهد المسرحي العالمي.

وكدأب وزارة التراث والثقافة في حرصها على المشاركة في المهرجانات الخليجية والعربية، فأنها سعت لتقديم عرض مسرحي تجريبي، بغية المشاركة به في مهرجان المسرح الخليجي للشباب 2010 م الذي سيقام في الدوحة عاصمة الثقافة العربية لهذا العام . وعرض مسرحية ( الليلة الحالكة ) من تأليف أحمد الأزكى ومن إخراج عبد الغفور البلوشي، ويقوم العرض على حبكتين قصصيتين، تنتمي الأولى إلى القصة العربية الشهيرة عنترة وعبلة، والأخرى مأخوذة عن مسرحية ( عطيل ) لوليم شكسبير .
ويعتمد العرض على المثلث المألوف في رومانسيات المسرحيات الكلاسيكية الحديثة، من خلال سرد قصة البطل وحبيبته والحسود ( العزول ) الذي يحول دون لقائهما.. من خلال التعبير عن العواطف الإنسانية مثل الحب والكره والغيرة..بينما خامر معدي العرض الحنين إلى الماضي حيث صهيل الخيول وصليل
السيوف والعودة مرة أخرى إلى زمن الفرسان.
 كما اعتمد المؤلف ومعد النص على تبادل أدوار الشخصيات المحورية تحديدا ( عنترة، عطيل وعبلة ديدمونة ) ، مستخدما أداة لو التي ساعدته في
استخلاص أفكار جديدة من خلال التساؤل، ماذا لو كانت ( ديدمونة ) هي ( عبلة ) ، وماذا لو كان ( عطيل ) هو ( عنترة ) وهذا جعل العرض يعتمد على الشخصيات الجاهزة، التي لا تحتاج إلى جهد كبير لشرح أبعادها الأخرى، لأنها بكل بساطة مأخوذة عن نصوص مشهورة عرفت من خلال شخصياتها،
فعندما نتحدث عن ( عنترة ) فارس بني شداد، نتذكر تفاصيل بطولاته وشعره ومعلقاته، وعندما نتحدث عن ( عطيل ) أحد أبطال مسرحيات شكسبير .
تضج بجدال القيم وتنافر الصفات الإنسانية 􏿽وهذا الخروج عن المألوف جعل البناء الدرامي للنص وتركيبة الشخصيات غير خاضعة لنظريات المسرح التقليدية، ولكنها جاءت أقرب إلى التجريب البسيط.
وبالمثل فإن الأحداث الدرامية في هذا العرض تعتبر مادة جاهزة، وظفت بشكل يخدم الفكرة المحورية التي حدثت في إحدى الليالي 􏿽 المكتظة بالأحداث الساخنة. إذ سعى المؤلف إلى استدعاء شخصيتين من التاريخ، عبر فترتين زمنيتين متباعدتين، حيث تؤرخ المصادر التاريخية، بأن مسرحية ( عطيل ) مأخوذة عن قصة إيطالية صدرت عام 1565 م. بينما تعود قصة عنترة بن عمرو بن شداد العبسي ( 220 ق.ه- 525 م ) .
كذلك لم يحدث تطور لشخصية ( ياجو ) الذي يفترض أنه يمثل الطرف الشرير الذي يسعى إلى تغيير مجرى الأحداث لصالحه، ولكنه أيضا قدمِ كشخصية جاهزة غرست في ثنايا النسيج الدرامي للعمل، حيث تظهر ملامحه منذ البداية كحسود ، بينما لا تضيف الشخصيات الأخرى شيئا، سوى تبادل
الأدوار الرومانسية التي سعى معدو العرض على التركيز عليها، لتأكيد معادلة الفن من أجل الفن 􏿽 التي غزت مجالات الفن والأدب. وهذا لا يقلل من قيم العمل، ولكنه بذلك يكون اقترب من عروض النخبة وليست العروض الجماهيرية التي تهتم بالحدث أو القضية أكثر من الشخصية.
ودونما شك، إن اختيار الشخصيات من نصوص ثرية باللغة الشعري، أوجد نوعا من التقارب في جزالة التعبير والأسلوب، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال
الأبيات الشعرية التي يلقيها عنترة، حيث يعد ( عنترة ) من أشهر فرسان العرب وأشعرهم والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة وله معلقة شعرية،
بينما خانت 􏿽ترجمة النص 􏿽 من الإنجليزية إلى العربية اللغة الشكسبيرية المعروفة بجزالتها اللغوية، حيث إن مسرحيات شكسبير لا تخلو من الحوارات
الشعرية الرصينة.
ومن المثير أن نتساءل لماذا رفضت ( ديدمونة ) الانسجام مع شخصية ( عنترة ) ، بينما ( عبلة ) كانت مترددة وظهرت كشخصية منساقة لقدرها، تتصرف
بشكل عادي وكأن الأمر لا يعنيها، في ما إذا كان الذي معها عنترة أم عطيل؟! 􏿽.وبالمثل ، إن ( عنتر ) يغرم ب ( ديدمونة ) ولكنها تتعالى عليه وترفض الانصياع له؟!
فهل هذا يعتبر نوعا من الإسقاط على قضايا العالم العربي السياسية، خاصة في ضوء بعض القرارات غير المستقلة للدول العربية؟..وإذا كان ذلك ما أراد النص قوله، فلماذا لم يعمق المؤلف الفكرة أكثر؟!!.. وذلك من خلال النبش في القضايا التي تدور حولنا، بينما النص الظاهر والمعالج بقي محافظا على
خجله العذري، و ظل يتوارى خلف الأحداث الظاهرة 􏿽وكان يفترض أن يتوغل في القضايا المعاصرة ويسعى إلى ربط الإنسان الحاضر بالماضي، يأخذ مثلا


جدير بالذكر أن العرض من بطولة مجموعة من الشباب المتألقين العمانيين، وهم : الفنان سعيد شنون الذي قام بدور ( عنترة ) وطاهر الحراصي الذي قام بدور ( عطيل ) وخالد الحديدي الذي قام بدور ( ياجو ) وغدير الزدجالي التي أدت دور ( ديدمونة ) وعائشة الجابرية في دور ( عبلة ) بالإضافة إلى مشاركة عدد من طلائع الفنانين الشباب، أمثال أحمد الحسني وطلال الحسني ومحمد الأخزمي ويعقوب الوهيبي وأحمد الشيدي وخالد المقبالي وموسى السيابي.
كما شارك شبير العجمي كمخرج منفذ والموسيقى وقام بإعداد المؤثرات الصوتية والموسيقية الفنان طالب محمد البلوشي

No comments:

Post a Comment