Monday, June 20, 2011

العرض الايطالي " أورفيوس "

     لعله من المحير والملفت للنظر أن التجارب الحديثة في عالم المسرح، بدت تلتف حول الأسطورة والتراث الشعبي الذي يعد ملكا للذاكرة الجماعية. ولقد سجل  العرض الايطالي " أورفيوس "  تجربة صورية  جسدت أسطورة " أورفيوس " اليونانية لفرقة (سي تي أرسينامادر)، وهو من إعداد وإخراج الفنانة الايطالية  (دانييلا جيوردانو)

وبالرغم من المعطيات والتفاصيل الأولوية للعرض تشير على أنه سيقدم موضوعا أوروبيا بحتا، إلا أن  المخرجة أرادت أن تقدم مسرحا صوريا عالميا، يمكن استنتاج مضمونه من خلال لغة العرض البصرية التي  تشرك الفنون الإفريقية في تشكيل اللغة الجسدية للممثلين.

ولقد اعتمد العرض السينوغرافيا كوسيلة أساسية لتوصيل رسالته للمشاهد، لكون عرضا صامتا يعتمد على الرقص والأداء الحركي والإيماءات الجسدية والطبول الإفريقية التي كانت تدق بضربات سريعة تناغمت مع جمالية وروحانية المشهد المسرحي، الذي أرادت أن تسرد من خلاله قصة " أورفيوس "  الذي فقدته عروسه " نيجانجو"  يوم الاحتفال بزفافهما ..فكانت رحلة البحث  عن " أورفيوس"  المجهول الغائب، وجسد العرض المشاعر المختلطة نتيجة فقدانها...
بالرغم من طرح العرض لقضية مستوحاة من التراث الإنساني،  إلا أنها حاولت أن تجسيد الصراع في روح " أورفيوس "  من خلال لوحة بصرية غرستها المخرجة في الجانب الأيمن من خشبة المسرح وجعلت الممثل الإفريقي، يناضل ويصارع وكأن هناك قوى خارجية تشده إلى الخارج، ولكنه ظل يقاوم تلك القوى التي يؤمن بها في قرارة ذاته بأنها تحدد مصيره...

هكذا حولت المخرجة العرض الذي كان يفترض أن يقدم نصا قائما على الحوارات المتتالية، إلى  عرض بصري كانت وسيلته الأولى البوح بما يدور في ذوات شخوصه، وهو بذلك يكسر النمطي المعتاد ...ويبحث عن أسلوب جديد ليس على مستوى التنفيذ الصوري للعرض فحسب، وإنما في أطار التبادل الثقافي العالمي، حيث سعت المخرجة على التعاون  مع راقصين وعازفين من السنغال، أما مساعد المخرج فهو تونسي وباقي الممثلين ايطاليين.

بالنسبة للأداء التمثيلي قامت الممثلة الأولى والمخرجة الايطالية (جيوردانو) في العرض بتجسيد الصراع والبحث عن عريسها، بطريقة راقصة معبرة بمشاركة الممثل الذي كان يظهر خلف الستارة أو النجمة التي  تتوسط عمق خشبة الممثل، ثم لم  يلبث أن يخرج منها على أنغام إيقاع الطبلة الأفريقية في أداء رشيق على الخشبة ..كما جسد  الاتصال الأدائي والجداني المعاناة التي تعيشها الزوجة من أجل إنقاذ زوجها.

-  بالنسبة للديكور فاتسم بالبساطة، وهو قائم على التضاد البصري، حيث ركز على لونين أساسيين  هما؛ الأبيض والأسود، حيث كان الديكور يعتمد على الستارة السوداء في العمق، في حين هناك ستارة أخرى تفصل الزوج والزوجة، و كان لونها يمزج بين اللونين الأبيض والاسود ... ولعل هذا التشكيل البصري والتضاد اللوني،  جعل المشاهد  يستقرأ شخصية مصيرها مجهول وهو الزوج (أورفيوس)، بينما الزوجة تحاول انقاذه ولكن بدون جدوى.  في حين كانت الموسيقى الإفريقية هي هي السلوان على الزوج المفقود(أورفيوس) الذي ذهب مع إدراج الرياح ولم يعد .


No comments:

Post a Comment