Friday, June 24, 2011

الناقدة المسرحية العمانية عزة القصابي:المسرح معرض لغزو العولمة الفضائية

حاورها في مسقط : عبدالرزاق الربيعي
خلال اقامة مهرجان المسرح العماني الاول تعرفت على عزة بنت حمود القصابي حيث شاركت في التعقيب وادارة جلسة تطبيقية , فاكبرت فيها هذه القدرة على التحليل , وقبل هذا جراتها على تجاوز وضعها الاجتماعي كامراة لتحاور وتناقش وتصعد المنصة , وهذا بحد ذاته انجاز يحسب للمراة العمانية , وكنت قبل ذلك قرات لها العديد من المقالات والمتابعات النقدية للعروض العمانية وخلال فترة وجيزة , استطاعت بخطى واثقة وبدون ضجة ولهاث وراء بريق الاضواء , ان تؤسس حضورا رصينا في الكتابة النقدية المسرحية العمانية وسط ساحة تكاد ان تخلو من لاعبين ولاعبات في هذا المضمار , لقد قدمت عزة القصابي التي اصبح لها دور ملموس وحضور في الفعاليات والملتقيات الأدبية والفنية العمانية الى المسرح متسلحة بادوات لابد منها لكل ناقد : الثقافة , الجراة , المتابعة, التخصص حيث انها تخرجت من جامعة السلطان قابوس من قسم الفنون المسرحية , وتسعى لمواصلة تحصيلها العلمي في هذا التخصص ,
* ماالذي جعلك تختارين هذا المجال ؟
-في داخلي ولع كبير بتحليل النصوص الأدبية والعروض المسرحية ما يمكنني من البحث في مضامين العمل الفني ، ودلالاته الشكلية، وفك أيقوناته ، وسبر أغواره ، ومن ثم تقديم رؤية جديدة عنه.
وإن الكاتب له وجهة نظر مختلفة عن المخرج والمؤلف ، وعليه أن يقوم بقراءة ما بين السطور ، من أجل الغوص في ردهات العمل ، بحثا عن لآلائه الدفينة
* هل تخصصك الاكاديمي رماك على ساحة المسرح ؟ ام العكس ؟
لا تكفي الدراسة الأكاديمية لخلق كاتب مبدع ، إذا لم يكن لديه الموهبة والاستعداد الفطري لتعاطي مع مفردات الواقع المتاحة التي يشاهدها ، فالدراسة الأكاديمية تؤسس فقط، ولابد للكاتب أن يتطور نفسه، فيقرأ كل ما هو جديد ، وذلك لأن كل شئ في عالمنا قابل للتغير والتبدل . وفي عصرنا هذا أصبحنا نستقبل كل ما هو حديث عن طريق وسائل الإعلام والفنون المرئية بأشكالها المختلفة ، فنحن بين الفينة والأخرى نشهد ثورة في مجال الفن والعلوم.والمسرح في ذلك لا يختلف فقد امتدت إليه يد الحضارة الحديثة ، وهو معرض لغزو العولمة الفضائية وسياسة الأقمار الصناعية ، والناس أصبحت تفضل كل ما هو سهل ويمكن أن الحصول بيسر وسهولة ، حتى العروض المسرحية وضعت له إطار تلفازي ممكن أن يتابعه المشاهد وهو في منزلة .
والذي يبقى في الساحة القلمية ،هو ذلك الكاتب القادر على تكييف قلمه بما يتوافق مع مقتضيات واقعه ، و أن لا يغرق نفسه في لجة النظريات الفلسفية التي قد لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع العماني . ولابد من تبسيط المادة التي تنشر في الجريدة اليومية ،والتي قد لا تحتمل شحنها بالكثير العبارات الغامضة ، والتي من الممكن نشرها في مجلة متخصصة
* رغم قراءاتك الادبية الا ان كتابتك النقدية اقتصرت على الجانب المسرحي , لماذا حصرت نفسك في مجال مايزال يسير في السلطنة بخطى بطيئة ؟
- لا أحب أن أكتب في كل شئ لأنه لا بد للإنسان عندما يكتب أن يعي أدواته الخاصة التي يستخدمها في الكتابة ، وإن لا يجعل نفسه سلة تحوى ما هب ودب ، وبذلك يخلق لنفسه نهجا يركز فيه كتاباته ، ويطورها متى سنحت له الفرصة بذلك ، ولا بأس أن يطلع على المجالات الأخرى بهدف المعرفة ،ويسخرها في النهاية لخدمت قلمه، والذي يحرص دائما أن يكون من خلاله مميزا في كتابته ، وان يكون له بصمة خاصة ، وليس فقط الكتابة لمجرد الظهور .
* يحلو للبعض ان يصنف الكتابة تبعا لجنس الكاتب فظهر مصطلح الكتابة النسوية , هل لك راي في هذا التصنيف ؟
- لا أصنف قلمي بأنه قلم نسائي ، ولكني أكتب باعتبار أنني إنسان له رؤيته الخاصة ،ومعالجته للمواضيع التي قد لا تفترق عن الآخر سواء أكان
( امرأة أو رجل ) ، ولا أؤمن بالتقسيم الذي يقول بأن هناك كتابة نسائية و كتابة ذكورية ، إلا إذا حصرت الكاتبة نفسها ضمن قولبة نسائية خاصة بها ،والتي غالبا ما تخلو من حرارة المشاعر الإنسانية العامة اتجاه القضاياالعامة ، والتي قد يشترك فيها الجنسين معا .
* يكثر الحديث في الاوساط المسرحية عن وجود ازمة نص مسرحي هل تقرين بوجود هذه الازمة ؟
- أعتقد أن المشكلة تكمن هنا ليس في عدد النصوص المتاحة فحسب ( الكم ) ، وإنما هي في نوعية النصوص التي يجب أن تتناسب مع المجتمع العماني والعربي ، بحيث لا تشعرنا بالغربة إزاءها.
ولقد ظلت أزمة النص المسرحي مثار جدل شديد ، البعض يقول بأن الهم الإنساني مشترك ، فليس هنالك داعي للبحث عن كاتب ينتمي إلى دولة ما ، فالحلم والآمال والطموحات وغيرها من الأحاسيس الإنسانية هي قواطع مشتركة ،نجدها عند كل البشر ، والبعض الآخر أكد بأننا يجب أن نستقي نصوصنا من الواقع المحيط بنا . من خلال التعرض للقضايا الاجتماعية والسياسية ، وهذا يخلق نوعا من الإتلاف بين النص وبين المجتمع وهو بذلك يقترب من روح المجتمع، بعادته وتقاليده وهويته ،و كذلك اللجوء إلى التاريخ والتراث الشعبي لصنع أشكال مسرحية تقترب من فنوننا المحلية ، وبذلك يجد المشاهد ضآلته فيها .
* بعض المسرحيين يفصلون اعمالهم على قياسات الجمهور محاولين نيل رضاه , هل انت معهم في التبريرات التي يسوقونها عند الحديث عن هذه الظاهرة ؟
- يعد الجمهور إحدى أقطاب العمل الناجح ، ومن الدعائم الأساسية التي يرتكز عليها العمل الفني ، وإن كان " إرضاء الناس غاية لا تدرك " بالطبع إن هناك العديد من الأذواق والرغبات المتباينة التي لا نعرف لها نهاية ، ويمكن استنتاج المعادلة البسيطة التي تقول:بأن العمل الجاد ،هو الذي يحمل مضمونا واسعا وشفافا وهادفا ،يمكن أن يستوعب جميع فئات الجمهور ، فيسبح المثقف في مضامينه الفلسفية باحثا عن ذاته ، ويحاول الإنسان العادي أن يعايش لحظاته ، ويلملم شتات نفسه التي ضاعت بين متاهات وزحمة الأحداث ،و قد يتعاطف مع تجربة البطل ،وما يلاقيه من صعوبات .
*مالمطلوب من الناقد المسرحي في المرحلة الراهنة ؟
- مطلوب منه أن يكون الناقد والأديب والفنان يقظا فكريا ،متأهب لمواجهة كل ما حديث ، مع الاحتفاظ بالأصالة ، مما سيمكنه من الوصول إلى مرحلة النضج ، وتقديم أعمال جادة وراقية ، وهذا أيضا سينعكس على الحركة الصحفية والنقدية ، والتي سيجد الكاتب فيها ،ما يمكن أن يقوله بصدق وموضوعية .
أما عندما يتقوقع الفنان حول ذاته ، ويأخذ بالقشور سيتحول إلى إنسان مستهلك ومكرر ،يعيد نفس الأعمال ولا يبحث عن الجدة والجودة في أعماله . ونحن نرى الدراما العربية قد قطعت أشواطا بتقديم أعمال ناجعه وقادرة على الاستمرارية ، وفي المقابل نجد الأعمال التي فيها إسفاف تكون جوفاء وسريعة الذوبان ،فهى أشبه بسحابة صيف لا تلبث أن تنقشع .
*كيف ترين واقع الحركة المسرحية العمانية في الوقت الحاضر ؟
-تمر الحركة الفنية في السلطنة بمنعطف تاريخي هام من خلال التحول من المسرح التقليدي إلى المسرح الحديث ، وهنا لابد أن نقف بتأني وندرس الخطوة القادمة و نوعية العروض المقدمة ،والتي لابد من أن تؤسس على قواعد صحيحة ومتينة ، من خلال خلق بيئة صحية قادرة على التعاطي مع ثقافتنا،وفي نفس الوقت قابلة للتطوير والتغيير .
* لديك مشروع اصدار كتاب عن الحركة المسرحية العمانية وتهيئن نفسك لمواصلة دراستك العليا , هل من طموحات اخرى ؟
المشوار طويل واشعر أنني ما لازلت في بداية الطريق ، وأن ما قدمته ما هو إلا شئ بسيط ،واحتاج إلى مزيد من المراس ومشاهدة العروض الفنية سواء داخل السلطنة أو خارجها ، ولي الشرف أن أمثل بلدي في عدد من المؤتمرات والملتقيات الفنية والأدبية ، وهذا بالطبع يترجم السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – الذي أعطى المرأة العمانية الثقة لتحمل المسئولية ، بعد أن نالت فرصتها من التعليم وأحب أن أهدي كل ما قدمته لوطني الغالي عمان .

No comments:

Post a Comment