Saturday, June 25, 2011

المسرح الجامعي بين الهاوية و الاحتراف

     في كثير من الأحيان عندما نسأل أحد الطلاب عن "المسرح"  يجيب بأنه نشاط فني تمثله جماعة المسرح، التي عادة يديرها مشرف النشاط وليس أخصائي المسرح !!

وللأسف أن ذلك التعريف البسيط عن المسرح هو الشائع  لدى الشريحة العُظمى من الطلاب باستثناء عدد محدود منهم..حيث نجدهم يكملون المرحلة الجامعية، دون أن يدركوا أهمية المسرح ومدارسه التمثيلية والإخراجية والنقدية...مما يشكل عائقا حقيقيا يحول دون تكوين ثقافة مسرحية عامة في إطار المؤسسة التعليمية وخارجها.

ودونما شك، بأن المسرح الجامعي يشكل أداة مهمة لاستقطاب الطلاب الموهوبين وتنمية قدراتهم الفنية في مجالات التمثيل أو الإلقاء وغيرها. كما يُعد المسرح الجامعي مُلتقى للطلاب ووسيلة مهمة لتعلم الكثير من أبجديات المسرح من خلال الاحتكاك بالمشرفين والمختصين والمخرجين على حد سواء ... ويُعد المسرح الجامعي مرحلة مهمة في حياة الطلاب وهو  يقدم عروضا مسرحية  تناقش القضايا الاجتماعية والتاريخية والتراثية العمانية ...ناهيك عن القيم الجميلة التي يمكن أن يغرسها في نفوس الطلبة كحب الوطن الذي سطره الأجداد، وما قدموه من تراث حضاري عظيم الذي ينصهر  في بوتقة الحضارة الإنسانية. وللمسرح الجامعي دور مهم  في بناء شخصية الطالب، فهو يساعده على التخلص من  الترسبات النفسية مثل الخوف والخجل وضعف الشخصية، فهو عامل مهم لتعزيز الثقة  بالنفس والقدرة على مواجه الآخر.

ومن ناحية أخرى، يسهم المسرح الطلابي في تعريف الطالب الهاوي بالتحديات التي تواجه الفنان وكيف يمكن أن يتخطاها ...وهذا من شأنه أن يولد لديه خبرة تراكمية تمكنه من تخطي الصعاب مستقبلا. ومن هذه التحديات التي تواجه هذا النوع المسرحي، عدم الاهتمام بالمسرح الجامعي بشكل احترافي واعتباره من الأنشطة والتسالي خاصة في ظل الاعتماد على غير المختصين والذين يمتلكون الجانب المعرفي، إلا أنهم يفتقرون إلى أساسيات المسرح الاحترافي التي تمكنهم من التعامل مع الطالب الهاوي.

وهناك تحد آخر يتعلق بقلة الدور المسرحية المجهزة  بالتقنيات تكنولوجية التي تمكن الطلاب من تقديم العرض بدون منغصات تقنية وفنية، كما تمكن الممثل الطالب من الأداء التمثيلي الرشيق على الخشبة . إلى جانب إلى انتهاء العمر الافتراضي للعروض الطلابية المقدمة عقب العرض مباشرة، ويكون ذلك لأسباب عديدة منها عدم إتاحة الفرصة من قبل المؤسسة للعرض الخارجي.
وهناك معوقات اجتماعية تتعلق بمشاركة الإناث إذ يرفض ولي الأمر في  إشراك ابنته في العروض التي  تقدم خارج أسوار المؤسسة التعليمية.. وهذا  يجعل هناك فجوة بين المسرح الجماهيري والمسرح الجامعي ونظرة المجتمع نحو المسرح.
بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات المادية المخصصة (الميزانية) لتقديم عرض مسرحي، ومساواتها ببقية الأنشطة التي قد لا تتطلب إمكانيات مادية كبيرة...مما  يجعل المسرح  يفتقر إلى  الإمكانيات المادية والفنية .
علاوة على ذلك، ندرة الحلقات المسرحية العملية والنظرية التي يمكن أن يستفيد منها الطالب، بحيث يستطيع أن يوظف من خلالها قدراته بشكل صحيح. إلى جانب  الإطار النظري الذي يعطي الطالب نبذه عن تاريخ  المسرح العالمي                     و المسرح العماني والقنوات التي يمكن أن يتواصل معها الهاوي  لصقل موهبته بشكل احترافي مستقبلا.
ولو بحثنا عن الأسباب الحقيقية وراء تلك المعوقات، سنجد لها شقين، الأول: نابع من عدم إعطاء المسرح الاهتمام الكافي واعتباره وسيلة للتسلية فحسب.. والثاني يرتبط  بالجانب المادي، من باب أن الميزانية المخصصة لهذا النشاط ضئيلة ولا تحتمل استضافة مختص من خارج الكلية أو الجامعة  ...لذا فإنه لا بأس من الاستعانة بمشرف النشاط، فالعمل المسرحي قائم على التطوع ومجانية العمل ...
وأخيرا، عدم التخطيط الصحيح عند إقامة المهرجانات المسرحية الطلابية، مثل  الاعتماد على نصوص ضعيفة أو نصوص متقاربة في المضمون أو نصوص بعيده كل البُعد عن الواقع العماني ...وهذا بدوره يصنع فجوة ثقافية وفنية بين المسرح والطلبة والمجتمع. كما أن ذلك يؤكد فكرة أن الفن المسرحي لا يزال مهشما عن الواقع العربي وغير قابل للتطبيع.
علاوة على ذلك، عدم الاهتمام بالجانب الاحترافي أو الأكاديمي ...و ذلك في ظل غياب المختصين من المخرجين وأخصائي النشاط المسرحي...وبالمثل فإنه في الندوات النقدية يستعان بأشخاص لا تربطهم بالمسرح  سوى بعض الأعمال القليلة والذين يطلب منهم  التحليل  وإعطاء رأيهم في الممثلين والعرض المسرحي. لذا  تكون الاستفادة ضئيلة ولا تتعدى الانطباعات السريعة .
والسؤال الذي يوجه  لوزارة التعليم العالي ومؤسساتها التعليمية، هو  لماذا هذه المجانية في التعامل مع الأنشطة المسرحية، وعدم تخصيص ميزانية كافية تمكن الطلبة من إخراج عمل لا يقل جودة عن العروض الاحترافية؟... ولماذا  لا يكون هناك بند مالي لاستضافة المختصين والمخرجين سواء من داخل السلطنة أو من خارجها؟
وختاما، نؤكد الدور الرائد للمسرح الجامعي على اعتبار أنه وسيلة مهمة لتخريج جيل من الفنانين الذين يتمتعون بمعرفة وحرفية عاليه، تمكنهم من الانخراط في  مساقات الدراما العمانية...بدلا من البحث  عن أسباب ضعف الدراما العمانية والتحديات التي تواجهها بعيدا عن السرب..على اعتبار أن المواهب الفنية الطلابية لابد أن تحظى برعاية حتى يحين موعد حصادها، إذا وجدت بالطبع  الاهتمام والرعاية الكافية والأخذ بيدها من قبل الجهات المعنية بالدراما...مما يبشر بجيل من الفنانين المثقف والذي يمتلك في نفس الوقت أدواته المسرحية...هذا والحديث عن المسرح الجامعي  ذو شجون وقد يطول إلى أبعد من ذلك .









 

No comments:

Post a Comment