Friday, June 24, 2011

لقاء صحفي: الناقدة العمانية...عندما لا يتمتع المجتمع بالديمقراطية تكون الرقابة على النصوص المسرحية كبيرة


 


القاهرة - كرمة أيمن
الباحثة والناقدة العمانية عزة القصابية؛ تترك دائمًا بصماتها في تاريخ المشاركات النقدية؛ سواء في الملتقيات أو المهرجانات المحلية والخليجية والعربية، إلى جانب العديد من الإسهامات الفكرية، كان آخرها مشاركتها ضمن الوفد العماني بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في دورته الثانية والعشرين، والذي شهدت فعالياته مؤخرا قاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة المصري، ، وللباحثة " القصابية " العديد من الأعمال المنشورة منها: "توظيف التاريخ والتراث في المسرح العربي الحديث"، و"رؤية في المسرح العماني"، و"المسرح التجريبي إلى أين؟!".. التقيناها في القاهرة وكان لنا معها هذا الحوار.

ـ بداية.. ما الذي يمثله لديكِ مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي؟

مهرجان القاهرة الدولي يختلف عن باقي المهرجانات العربية بكونه مهرجان دوليًا يستضيف الجديد في عالم المسرح، خاصة في مجال التجريب، بما أنه نمط وتيار جديد، فهذا المؤتمر يكتسب خصوصية بكونه يستضيف أعمالاً في مجال التجريب والصورة والأداء الجسدي والسينوغرافيا.

ـ في رأيك.. هل أضاف المهرجان على مدى الدورات السابقة للمسرح، أم أنه ما زال لا يبرح مكانته الثقافية المحجمة؟

طوال السنوات الفائتة كنت أتابع المهرجان عن بعد، ولاحظت أنه لا يقف عند حد معين، بل يبحث عن العروض الجديدة، فقد استضاف المهرجان عروضًا من جميع الدول الغربية، خاصة في مسرح الصورة، لأن هذا الاتجاه مازال حديثاً في وطننا العربي، فالمهرجان يخرج عن نطاق الوطن العربي، ويقف على عتبة المسرح الغربي.

ـ وما مدى استفادة الوطن العربي من تجارب الغرب في المسرح التجريبي؟

المسرح العربي مسرح حديث على البنية الثقافية، لذلك لابد أن يستفاد من توجهات الغرب والرؤى والتجارب المسرحية التي يتم تقديمها، فالمسرح العربي يفتقد إلى البعد الحضاري والفكري، فالمجتمع ينظر إلى المسرح على أنه وسيلة تسلية وترفيه، وحتى يلحق المسرح بالعصر، خاصة بعد ظهور القنوات الفضائية التي سحبت البساط من المسرح، فلابد أن يستفيد الوطن العربي من تجارب الغرب مع الاحتفاظ بالشخصية العربية داخل الأعمال؛ أي نؤصل هذا المسرح في البيئة العربية والتعبير العربي، وعند الاقتباس من الغرب، لابد ألا ننتقي القشور أو الأشياء الغريبة عن الثقافة الإسلامية، بل لابد أن نختار الأفضل، وأن نجعل المسرح العربي يستقي من المسرح الأوروبي في خدمة قضايانا، حتى المسرح التجريبي يمكن تأصيله واستحداث أشكال جديدة طبقاً لمشكلاتنا.

ـ وهل استطاع المسرح أن يصنع تواصلاً بين المسرحيين العرب؟

لاشك أن تلاقي المسرحيين وتحاورهم كانت له فائدة كبيرة على المسرحيين في مصر، وجميع الدول العربية، فقد اتاح المهرجان تبادل الخبرات والثقافة، ومعرفة الجديد في عالم المسرح وكيفية الارتقاء به، والاستفادة من تجارب الآخرين، وبدأ الحوار والتواصل وتبادل الخبرات والمعلومات والكتب.

ـ إذن، فما تفسيرك لقلة إقبال الجمهور على المسرح التجريبي؟

المسرح التجريبي يعتبر مسرح النخبة، وإن كان المسرحيون أنفسهم لا يعترفون بهذا التيار، ويقولون إن هذا الفن تخريب وليس تجريباً، فما بالك بالمواطن العادي؟.. وفي الفن لا يوجد شيء ثابت فالفنان يجرب ويستنبط ويصنع أشكالاً جديدة من الفن والإبداع، وأنا أقترح حتى يتم جذب الجمهور أنه لابد من توعيتهم من خلال زيادة الموضوعات الثقافية، وتعريف الناس بالمسرح التجريبي من خلال الإعلام والصحافة والكتب، وتعريف الطلبة بالمسرح المدرسي، وهذه الوسائل تكوِّن ثقافة مسرحية.

ـ وما أهمية التجريب في تطوير العرض المسرحي؟

التجريب تيار واتجاه لا يمكن الحكم عليه، أي أنه لا يسهم في عملية التطوير، وفي كل العالم هناك حركات فنية تظهر كالفن التشكيلي والأدب والرواية، وتعتبر نظاماً حضارياً والمقصود به الترويج أو وجود شعبي لهذا الفن.

التجريب في السلطنة

ـ الفن التجريبي في سلطة عمان نادر وقليل.. في رأيك ما الأسباب وارء ذلك؟

أنا أتفق معكِ في أن التجربة المسرحية قليلة أو تكاد تكون مهمشة في السلطنة، وليست ذات أصداء جماهيرية، والسبب في رأيي يعود إلى أنه لا يوجد مخرج يتبنى الأعمال التجريبية، كما أن التجريب في السلطنة يكون على مستوى الشكل، ولا يهتم بالقضية.

ـ ولماذا ابتعد النقاد عن تحليل الأعمال المسرحية التجريبية التي يتم عرضها الآن؟

هناك نوعية كبيرة من العروض لا يمكن تحليلها وتقييمها، كما يصعب الحكم عليها بنظريات آرسطو، لكن يمكن نقد هذه الأعمال وتقديمها للقارئ من خلال الصحافة، واعتقد أن المهرجان يهتم بنقد العروض من خلال ندوات تناقش ما يقدم من أعمال تجريبية وتجميع الآراء على مائدة واحدة.

ـ يتردد أن المسرح فن ديمقراطي، بل إنه في المجتمعات غير الديمقراطية يحل محل البرلمان.. فما تعليقك؟

أي مسرح يخضع للرقابة، ومادام هناك مجتمع لا يتمتع بالديمقراطية فتكون الرقابة على النصوص المسرحية كبيرة جداً، ولا يمكن للمسرح أن يرقى في ظل أنظمة سياسية لا تعطي حرية التعبير، فالمسرح وسيلة للتعبير عن القضايا السياسية والقومية والإنسانية بل والشخصية، وعندما لا توجد ديمقراطية، لا يوجد مسرح.

ـ وهل ما زال المسرح التجريبي يشكل عنصراً فنياً أساسياً في المجتمع، ويرصد جوانب مختلفة في الحياة؟

كل تجربة لها خصوصيتها وتبحث في جانب معين، والتجريب له جوانب وزوايا متعددة يمكن أن تفتح العديد من المجالات، وترصد جوانب مختلفة للحياة والتعبير عن القضايا الاجتماعية والإنسانية والسياسية.

- عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي والمتمثلة في (التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج، والممثل والجمهور).. أين هي في مسرح اليوم؟

في المسرح التجريبي الوضع مختلف كثيراً؛ فالفن التجريبي قائم على جهد المخرج بدرجة كبيرة، ويكون مقتصراً على المخرج والممثل، ويتوازي فيه النص والديكور والسينوغراف، وتحل محلها دلالات مختلفة، ويعتمد فيه على الرقص والحركة الاستعراضية والسينوغرافيا، أي أنه يعتمد على المخرج، لذلك ظهر ما يسمي بالمؤلف المخرج، فالعمل يكتب لكي يمثل على خشبة المسرح، وليس للقراءة.

ـ وماذا عن الهموم المعاشة والتي يبتعد المسرح التجريبي عن تناولها بجرأة والتي تجعل الجمهور يحجم عنه؟

على العكس تماماً؛ فالمسرح التجريبي يتناول الموضوعات بجرأة على مستوى الشكل والمضمون، من خلال طرح القضايا وفتح الباب أمام مشكلات مهمة، لم يتم طرحها في المسرح التقليدي، وفي نظري اعتبر المسرح التجريبي فناً جريئاً جداً.

ـ وهل المسرح التجريبي في الوطن العربي يسعي لإدخال التكنولوجيا الحديثة في العروض؟

نعم، فهناك العديد من الأعمال التي يتم من خلالها استخدام الكمبيوتر والشاشة السينمائية والتكنولوجيا الرقمية، ويظهر ذلك في العروض التي تقدم من خلال المهرجان.

ـ فما الإشكاليات إذن التي يواجهها مسرح اليوم؟

المسرح التجريبي هو نوع جديد من أنواع الفنون؛ لذلك فمن الطبيعي أن يكون هناك من يعارضه ويهاجمه، والفن التجريبي في الوطن العربي يحتاج إلى دمجه بالمجتمع ومع الجمهور، ومعرفة الطرق التي تجعل منه فنًا يتمتع بشعبية، بحيث يذهب الإنسان العادي إلى الدار المسرحي ليشاهده، وحتى يستطيع المشاهد أن يستنتج الفضيلة التي تقدم على خشبة المسرح، وهذا لا شك يكمن في كيفية إيصال الرسالة من العارض إلى من يشاهدها.

- وأخيرًا.. ما الأطروحات الممكنة حتى يواكب المسرح التجريبي العصر؟

أقترح أن يتم ذلك من خلال إقامة المهرجانات والندوات التي تبحث في كيفية تأصيل هذا المسرح؛ بحيث يخدم قضايا الإنسان، كما أنه لابد أن يتكيف العرض مع الواقع، حتى نخرج بالنهاية بمسرح تجريبي عربي يتمتع بالإقبال الجماهيري.

No comments:

Post a Comment