Sunday, June 19, 2011

"صور في الذاكرة" يراهن على الواقع السياسي العربي

    عبر تجربة حديثة قوامها التجريب المسرحي قدمت فرقة المسرح الوطني(بنغازي-ليبيا) العرض المسرحي (صور في الذاكرة) للمخرج عوض الفيتوري على خشبة مسرح الجمهورية التابع لدار الأوبرا المصرية، بغية تصوير معاناة الإنسان المعاصر الذي ضاعت حقوقه على أيدي رموزه القيادية التي يمكن أن يستند إليها، حيث إنه لا يجد في واقعه سوى صور زائفة.

جميع ذلك، والكثير من المشاهد الصورية التي حاول عرض( صور في الذاكرة) استرجاعها، عبر رحلة قوامها الفعل الإنساني من المهد إلى اللحد، وهي رحلة صامتة يصعب التكهن بنهايتها في عرض مسرحي لم يتجاوز نصف الساعة!

سعى العرض إلى توسيع  أطار الفعل الدرامي المرتبط بالزمان والمكان،  وركز على الإيماءة والحركة وجسد الممثل والإضاءة والموسيقى، ليتحول إلى عرض مسرحي صامت قائم على مفردات السينوغرافيا. وبالرغم من أن العرض لا يعتمد على السرد الحواري المألوف، إلا أنه استطاع التعبير عن ما يدور في ذوات شخصياته، كما سعى إلى إشراك  الحضور بالإحساس بالمأساة الإنسانية لشخوصه، حيث كانت شخصياته تعيش معاناة ذاتية وقومية، وتعبر عن  توجهات والميول الإنسانية في كل لوحة من مشاهد  العرض المسرحي الصوري .

وتدور أحداث العرض بين ثلاث شخصيات عبرت عن  مأساة  الإنسان عبر عصور زمنية متفاوتة، التي انتهت بالعصر الحديث، وجسدت تلك المراحل ثلاث شخصيات، وهي: الرجل الذي يظهر على هيئة هيكل عظمي، ورجل آخر يجلس على كرسي هزاز يجتر ذكريات الماضي الأليم، بالإضافة إلى الشخصية الثالثة التي تقف وتراقب الآخرين على مضض. وهذه الصور الثلاث ما هي إلا نسخة واحدة لملامح وفصول الآلام التي يعيشها الإنسان العربي في ماضيه وحاضره.



ويقدم هذا العرض قراءات متعددة لموضوعات مختلفة، ولكنها جميعا تقترب من  البُعد السياسي الإنساني لمعالجة قضاياه الإنسانية من المهد إلى اللحد، حيث يكشف العرض منذ بدايته عن رأس وذراعين للتعبير عن النهاية الحتمية لرحلة الإنسان، بينما تقف شخصية أخرى تراقب ما يجري عن قرب، وبذلك استطاع هذا العرض أن يطرح منذ المشاهد الأولى العديد من التساؤلات الفلسفية المُلحة من خلال تصوير رحلة الإنسان من المهد إلى اللحد.

ولما كانت لغة الحوار في هذا العرض مفقودة، فقد ركز المخرج على الديكور ولكن بشكل رمزي، حيث اعتمد على الستارة في تقسيم  الخشبة إلى نصفين، الأمر الذي ساعد  على التنقل عبر المراحل العمرية التي تمر الشخصيات بها، بجانب  شخصية واحدة تعبر عن صور راسخة في الذاكرة البشرية.

واعتمد العرض على الأداء الجسدي الصامت القائم على الاستعراض والتعبيرات الجسدية. ويقوم بأداء الأدوار فنانون ليبيون شباب أجادوا الأداء الصامت والتعبير الجسدي، حيث يشارك الفنان حاتم قرقوم وعبد السلام السماري  ومراد العرفي وسيم مرعي وغيرهم .

No comments:

Post a Comment