Friday, July 1, 2011

ندوة المهرجان المسرحي الرئيسية: (الدراما تورجيا) بين غموض المصطلح وضبابية الممارسة

بحثت ندوة المهرجان المسرحي الرابع عشر الرئيسية خلال ثلاثة أيام 14ـ16/12/2008 مفهوم (الدراماتورجيا)، ودور الدراماتورج (الخبير المستشار) في تنفيذ العرض المسرحي، وحضر فعاليات الندوة عمداء معاهد مسرحية عالية عرب وأجانب، ومحاضرون ومخرجون مسرحيون ومعدّون وكتاب ونقاد وإعلاميون. وأدار جلساتها كل من يوسف العاني ود.ماري إلياس ود. نهاد صليحة ود. عبد الإله فؤاد، ود. رياض عصمت ود. أكرم يوسف.

قدم د. نبيل حفار ورقة عمل الندوة، وأشار فيها إلى اكتمال مفهوم (الدراماتورج) في القرن العشرين، وتطوره حالياً بظهور أساليب جديدة في المضمون والإخراج، تلبية لذائقة جمهور شاب متلهف للجديد، ودعا إلى تعاون عربي بين كتاب المسرح والمخرجين لاقتناص أفكار جديدة وبناء شبكات اتصال، وتقوية الجانب العملي في التعليم المسرحي، وتعديل الذهنية (الدراماتورجية).
ورأت د. ماري إلياس ود. جواد الأسدي أن هناك تشوشاً في مفهوم الدراماتورجيا، وهناك صعوبة في ضبطه، بسبب تنوع وظائف ممارس المسرح، فالدراماتورج صاحب رؤية وتحليل بحسب د. إلياس، وهو مساحة مفتوحة تسمح بمشاكسات خطيرة برأي الأسدي.
وتناول المحور الثاني للندوة علاقة الدراما تورج بالترجمة، وذكرت د. عبلة الرويني من مصر أن المخرج يمارس وظيفة الدراماتورج في مصر وهو يمارس سلطة أكثر من فتح فضاءات وحوارات لم نتمرن عليها. ورأت أن الممارسة الدراماتورجية في مصر فردية وعشوائية.
ورأت د. نهاد صليحة من مصر أن الترجمة شمعة، وقدمت نموذجاً للمترجم الدراماتورجي. الملمِّ بلغتي الترجمة وفنون المسرح من حيث تلاؤم الجمل والحروف للأداء السليم، فالدراماتورج جسر وسيط يربط بين أطراف العملية المسرحية ويقف على حافة الأشياء كلها. وهو حلقة وصل بين الفكر المسرحي والفن.
ولفتت منحة البطراوي من مصر إلى أن الترجمة سابقة لعمل الدراماتورج، والأساس أن تجري الترجمة عن الأصل قبل الإشارة إلى الأمانة أو الخيانة. ويمكن أن يكون الدراماتورج هو المترجم والمقتبس والمعد والمخرج، ولا بد أن يعرف المترجم سياق كتابة النص وواقع الموسيقا والفن التشكيلي في زمن كتابته.
ورأت عزة القصابي من سلطنة عمان أننا نبحث في التخصص ضمن التخصص كما هو الحال في الدول المتقدمة، وعمل الدراما تورج حاضر في العرض المسرحي عندنا لكنه غير موجود كتخصص علمي.
وعالج المحور الثالث للندوة علاقة الدراماتورج بالتعليم المسرحي، وعرض د. محمد المديوني من تونس تجربة المعهد العالي المسرحي هناك، واقترح إلغاء الدراسات التلقينية وتعزيز الجوانب العملية وإدخال قضايا تربط الدارس بتاريخ المسرح، وتحليل العروض منهجياً وجمالياً وإشراك الطالب في ورشات المشاريع.


وتناولت محاور الندوة الأخرى علاقة الدراماتورج بالسينوغرافيا والإخراج والنقد، ولم يناقش محور الدراماتورج ومسرح الطفل لضيق الوقت، وتكاملت شهادات المشاركين مع مداخلات المحاضرين كما أغنت المناقشات محاور الندوة.
ورأى فرانس راوتيس من ألمانيا الذي قدم ورشة عمل في المعهد العالي المسرحي بدمشق أن على الدراماتورج أن يتمتع بالصبر والرؤية الفلسفية، وأن يفسح في المجال للجمهور كي يكون جزءاً من تفسير النص.
وتحدث مخرجون وممثلون عن تجاربهم، من بينهم د. رياض عصمت وجيانا عيد وسامي عبد الحميد وعثمان جمال الدين، وأغنوا محاور الندوة بآرائهم، وطرحوا تساؤلات غير التي طرحها سوفوكل وشكسبير.
ووافق المشاركون في الندوة على بيان تضامني مع أهالي غزة ودعوا إلى فك الحصار عن القطاع.
كما أعلن د. أكرم يوسف عن تشكيل لجنة تأسيسية لمركز أبحاث ودراسات مسرحية، تضم في عضويتها عدداً من الباحثين من معظم البلدان العربية.
لقد أضاءت الندوة معظم جوانب العملية المسرحية، وكانت مناسبة لتفاعل الخبرات والثقافات والرؤى، وألقى المشاركون فيها وعلى هامشها ملاحظات نقدية متخصصة على العروض الكثيرة التي قدمت على مسارح القباني والحمراء ودار الأسد والمعهد العالي وملجأ القزازين والمركز الثقافي الفرنسي.
وكان مفيداً توزيع المحاضرات مطبوعة على المشاركين بالندوة، والإفساح في المجال للمهتمين والإعلاميين بطرح الأسئلة أو تقديم بعض الانطباعات.
وأعتقد أن فعاليات الندوة الرئيسية ومناقشاتها الصريحة منحت المشتغلين بالمسرح عندنا فسحة أرحب للنظر والإصغاء للآراء الخبيرة، وللعمل الجماعي الذي لا ينجح أي عمل إبداعي دونه.

No comments:

Post a Comment