Wednesday, July 13, 2011

عرض مسرحية...السلوقي

      أراد الكاتب الإماراتي إسماعيل عبدالله من خلال  مسرحيته (السلوقي) المـأخوذة عن  رواية(قلب كلب) للكاتب الروسي ميخائيل بوليغاكوف، البحث في العلاقة بين الإنسان والسلُطة، موظفًا (الحيوان) في هذا العرض  للتعبير عن معاناة البشر!..ولعل هذا  يذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة  وقصص كليلة ودمنة التي كانت تروى على لسان الحيوان، والتي أصبحت مضرب الحكمة والأمثال بين الناس، وهو  من  إخراج حسن رجب، وإنتاج مسرح الفجيرة القومي بدولة الإمارات العربية المتحدة .
   ولقد لامس النص المعالج لرواية (بوليغاكوف) حثيثيات المجتمع الإماراتي من خلال استعراض واقع الصيادين، بغية استقراء الواقع الاجتماعي في المجتمع الخليجي بشكل عام. كما سعى المؤلف (إسماعيل عبدالله) على تحوير الصراع، ليلتف حول (النواخذة) الذين كانوا يتنافسون في تربية كلاب السلوقي أو كلاب الصيد، حيث كانت  تدور الحبكة حول النوخذة(عمران) الذي كان يتفاخر بأنه يمتلك كلب صيد من نوع السلوقي.  وظهر الصراع  الدرامي في هذا العرض بأشكال متعددة؛ ففي البداية احتدم  الصراع بين النوخذة عمران وبين النواخذة الآخرين، والذين يريدون أن ينافسوه في امتلاك  الكلاب السلوقية – إذا صح التعبير-  وبذلك فإنهم يحققون نفس المكانة في مجتمع الصيد والبر.

  ومن ثم تعدى العرض (السلوقي)  إلى تعرية "الذات البشرية"  من خلال استعراض قضية التفرقة العنصرية بصورة سريعة في ظل الأنظمة الاجتماعية الخليجية، خاصة بعد  التغيير الذي طرأ على (السلوقي)  ليتحول إلى نصف آدمي، مطالبًا بحقوقه الإنسانية من سيده النوخذة(عمران)!!.. ولقد استخدم الكاتب أسلوب الرواية الحكائية على لسان الشخصيات في توصيف ذلك؛ عندما  قامت (عفراء وسعيدة ) بوصف ذلك  التغيير خطوة بخطوة. فيما حرص المخرج( حسن رجب ) على  تجسيد  ذلك على خشبة المسرح بصورة بصرية تمتع المشاهدين.



ولقد عرج الكاتب  على أكثر القضايا حساسية من خلال قصة (السلوقي)  الذي أراد أن يتمرد على رقه، ليصبح سيدًا، ولكنه لم  يستطيع ذلك، لأن ماضيه ككلب صيد ظل يلاحقه، وظل (طارش السلوقي) يتعرض للاهانة  والضرب من المجتمع، فهو سلوقي مهما بلغ من مناصب!

وبرز "الكلب السلوقي"  كبطل تراجيدي  تقوده نوازعه وبطولاته كشخصية مأساوية، تحاول كسر النمطية التي رسمها السيد له، إلا أنه بسبب سوء تصرفه، وخاصة عندما يحاول خطبة ابنة السيد  فإنه يتعرض للطرد من منزله،   ويكون  ذلك سببًا  في تشريده   ومعاقرته للخمر بعد ذلك....هكذا يجعلنا العرض ندور في خطيين متوازيين؛ الأول يقوم على توصيف معاناة السلوقي أو العبد من سيده، وخضوعه للأنظمة الاجتماعية المتوارثة. أما الخط الآخر فهو يناقش  قصة كفاح الشعوب في ظل الأنظمة التي تحكمها ...وهكذا يجد المشاهد نفسه أمام عرض مفتوح، يتضمن الكثير من الدلالات والمعاني التي يصعب التكهن بمضمونها في بعض المواقف.

 ولقد رسم العرض رؤية بصرية جمالية مستوحاة من الواقع الخليجي تصور (فريج) الصيادين بالقرب من الساحل، حيث تظهر (الدعون) المصنوعة من سعف وخشب النخيل. كما أن  توظيف " النخلة"  في العرض، أكد  إصرار المخرج في رسم بيئة مطابقة للواقع الخليجي الساحلي الذي يشكل لوحة مألوفة في معظم دوله.

كما برزت في العرض التشكيلات الجماعية والاستعراضية، وخاصة عندما راهن المخرج بجعل (كلاب السلوقي) هي من تصنع سينوغرافيا المنصة، حيث ظهرت هذه الكلاب  على هيئة إنسان له  رأس وذيل...الأمر الذي جعل المشاهد يحاول استكشاف ما وراء  عالم الكلاب ويتساءل، هل المغزى من هذا العرض هو  مجرد محاولة  من الكاتب لأسنة الحيوانات على المسرح أم  أن هناك أهدافاً أخرى  أراد أن يستخلصها من الأحداث، ويجعل المشاهد يذهب إلى قضايا أخرى أبعد ذلك.
 تمتع العرض بوجود طاقات فنية أدائية وتمثيلية على مستوى الاستعراض والتمثيل والغناء ، حيث تخلل العرض الرقصات البحرية الخليجية مثل  السومة...فيما تلمست الإضاءة مواطن الجمال فيه، بغية التعبير عن المواقف الإنسانية في  الفضاء المسرحي المفتوح...والذي حفل بالكثير من الشخصيات الاستعراضية التي شارك الكورس في أدائها، فيما تناوب أبطال العرض في تجسيده، أمثال: سميرة الوهيبي بدور سعيدة وإبراهيم سالم بدور طارش وجمعة علي بوعكلوه وأمل محمد غلوم عفرا وعبدالله مسعود عمران وحميد فارس طارش الكلب .







No comments:

Post a Comment