Saturday, July 9, 2011

مسرحية ..نجوم منتخبنا الوطني

عندما يجتمع الفن والرياضة فأنهما يصنعان سيمفونية جمالية تعزف على رغبات واهتمامات الجماهير الشعبية، هكذا كان شأن المسرحية العمانية( نجوم منتخبنا الوطني)، والتي هي من تأليف سمير العريمي وإخراج محمد النبهاني وإدريس النبهاني وسعيد البوسعيدي، والتي قدمت على مسرح الكلية التقنية بمسقط خلال الشهر الماضي.
ومما لاشك فيه، أن مسرحية ( نجوم منتخبنا الوطني) نسجت أحداثها الدرامية بغية صنع فرجة جماهيرية وطنية، وذلك من خلال طرح موضوع رياضي يتزامن مع بطولة كأس خليجي التاسع عشر الذي تحتضنه مسقط هذه الأيام...والمتابع للعرض يجده مشبعا بالكثير من المضامين الرياضية، ولكن بأسلوب فني جعله يحظى بتصفيق جماهيري متواصل مما أكد تفاعل الصالة مع مضامين العرض المسرحي المقدم.
وتشكل هذا العرض من لوحات متتالية تخللتها الأغاني الرياضية التي صاحبتها الموسيقى التشجيعية، والتي أضفت بصمة احتفالية عليها قالبا ومضمونا. كما افتتح العرض بمقدمة استهلالية صامته قدمها طلبة وطالبات كلية الشرق الأوسط، وبالرغم من جمالية اللوحة الاستهلالية التي بدت ملامحها العامة مختلفة عن المسرح التقليدي المعتاد، مما أثار فضول المشاهد وحفزه على المتابعة، إلا أن المشاهد الأولى للعرض، والتي أتت بعد تلك اللوحة أكدت تقليديته واقترابه من " الفرجة المسرحية " التي يلعب السرد الحواري فيها دورا رئيسيا، ثم تأتي بقية المؤثرات الفنية والتقنية في المرتبة الأخيرة. كما أن شغف مخرجي العرض بتداخل المدارس المسرحية، صنع منه تركيبة مسرحية غير متجانسة، وكان الأفضل في مثل هذه النوعية من العروض توظيف اتجاه مسرحي واحد، نظرا لأن فكرة العمل تأخذ طابعا احتفاليا، بفعل ازدحام عدد الممثلين على خشبة المسرح وتعدد المشاهد، بالإضافة إلى الاستعراض الأدائي والحركي.


فقد بدت الروح الجماعية طاغية على العرض المسرحي، وذلك من حيث الإخراج والتمثيل الذي غلب الأداء الجماعي عليه، فكان العرض في إطاره العام أقرب إلى العروض الاستعراضية التي تمزج بين الأداء التمثيلي والاستعراض الحركي، ولكن في نفس الوقت، لا يمكن وصف هذا العمل بأنه (أوبريت(!
ولقد حاولت اللوحات المتتابعة في إطارها العام أن تستقرىء واقع الشارع العماني في ظل الحدث الكروي الخليجي .كما أن مؤلف المسرحية سمير العريمي لم يغفل الإشارة إلى العديد من القيم الأخلاقية التي تعلم الناس كيفية التشجيع الكروي الحضاري والتحلي بالروح الرياضية في كل الأحوال سواء أكان النصر أم الهزيمة!..حيث استطاعت أحداث المسرحية أن توغل في المجتمع بدءا من المنزل، من خلال تفاعل الأسرة وسعيها إلى تعليم أفرادها التشجيع المبني على القيم الاجتماعية النابعة من العادات والتقاليد، وهذا يجعل الشباب يتصرف بفعل حضاري وينأى عن السلوكيات التي من شأنها الإساءة إلى الآخرين أو إلحاق الضرر بهم . بالإضافة إلى أهمية غرس الروح الرياضية لدى الصغار الذين يعتبرون أمل المستقبل، حيث حاول المؤلف (العريمي) إشراكهم في الحدث المسرحي من خلال تكليفهم بالقيام ببحث ميداني يدور حول المتاعب الرياضية والإدارية التي من شأنها أن تقف عقبة في وجه اللاعبين ويكون لها تأثير سلبي على معنوياتهم. وفي المقابل فإن اللاعبين عندما يشعرون بأن هناك من يبحث في همومهم، فأنهم يسعون إلى تقديم المزيد من الاجتهاد لتحسين مستواهم بما يتلاءم و اهتمام وتشجيع جمهورهم والجهة التي تعني بالشؤون الرياضية، والتي يفترض أن تبحث في قضايا اللاعبين وتبرزها .
وجالت هذه المسرحية في أروقة المجتمع بجميع فئاته، حيث افتتح أول المشاهد من خلال أسرة تلاحظ اهتمام طفلها بالرياضة وحماسه الزائد بغية تشجيع المنتخب الوطني. أما في اللوحة التالية تم الانتقال إلى الملعب، حيث مدرب الرياضة الذي يتحلق حوله الشباب أو الأطفال، بغية إشراكهم في خضم اللعبة المسرحية من خلال ملعبهم الصغير الذي تنمو أحلامهم وآمالهم فيه... وفي اللوحة الثالثة تم الانتقال إلى فئة الشباب في المقهى اثناء مشاهدتهم للمباراة بحماس، وتصدر منهم بعض التصرفات غير اللائقة التي يعتقدون من خلالها بأنها تعبر عن آمالهم ، مثل ضرب الآخرين والصراخ وتخريب الممتلكات العامة.
أما في اللوحة التالية فقد كانت من بطولة الطفل الذي كان يسعى للتنقل بين عينة بحثه من اللاعبين والإعلاميين المختصين في المجالات الرياضة المختلفة. وأخيرا يلتقي بالمسؤلين ويحاورهم بغية أن يضعوا حلا للمشاكل التي تواجه اللاعبين. وفي هذه اللوحة المشهدية، برزت بعض الومضات الإخراجية، مثل التركيز على حدث بعينه على خشبة المسرح باستخدام الإضاءة . كذلك فإن التتابع المرحلي في رصد الحدث الدرامي لرحلة الطالب البحثية ساعد على تنظيم ظهور الممثلين في هذا المشهد، وبالمثل كان يفترض أن يتحقق ذلك في بقية المشاهد السابقة، حيث من الملاحظ عليها دخول الممثلين دفعة واحدة، بينما تظل الإضاءة مسطحة على مستوى واحد، ولا أعلم إن كان ذلك بسبب خلل في تقنية الإضاءة على خشبة المسرح، أم أنه جاء مقصودا؟!
ومن ناحية أخرى، ساعدت السينوغرافيا العامة للعرض المسرحي على تجسيد الحدث المسرحي الكروي، حيث تم توظيف قطع الأثاث الواقعي، بما يتلاءم وطبيعة أحداث العرض المسرحي، والذي يركز على موضوع كيفية الارتقاء بدور اللاعب العماني، وكيفية تشجيع المجتمع له . وإن بدا ثقيلا على الخشبة، وكان يمكن الاستعانة بالديكور التجريدي، بدلا منه، مما سيقلل مدة الفواصل بين المشاهد، ويسهل حركة الممثلين ويزيد من مساحة الفضاء المسرحي، خصوصا وأن المسرحية تحتشد بالعديد من الممثلين. وأما فيما يتعلق بالمؤثرات الموسيقية المستخدمة في العرض، فإن أغلبها عبارة عن موسيقى تشجيعية وأغان رياضية تناغمت مع طبيعة الحدث الدرامي الرياضي المقدم!
أما بالنسبة للأداء التمثيلي فقد تميز العرض ببطولته الجماعية، حيث شارك فيه ما يقارب ثلاثة وأربعين ممثلا وممثلة يجسدون أدوارا متعددة من جميع الشرائح العمرية في المجتمع، فهناك الطفل والشاب و البالغ والعجوز، علاوة على مشاركة النساء بجميع فئاتهن، لذا جاء الأداء متفاوتا بين الذين ظهروا لأول مرة على خشبة المسرح، وبين الذين لهم مراس سابق مثل الفنان محمد السيابي وهلال الهلالي وشمعة محمد وناصر الأخزمي ...كما شاركت مجموعة أخرى من الممثلين مثل عاطف المعني وشاكر الحضرمي ومحمد الفليتي وجهاد الصابري وهيثم الغافري ..فضلا عن التشكيلات الاستعراضية التي قدمتها مجموعة كبيرة من الشباب في اللوحات الاستعراضية بالإضافة إلى دورهم كومبارس .
الجدير بالذكر أن فرقة مسرح الدن للثقافة والفن قدمت العديد من الأعمال المسرحية التي تخدم وتعالج العديد من القضايا الوطنية التي تهم المجتمع..ومن أعمال الفرقة مسرحية (سيف الجن) ومسرحية ( جريمة في القرية) ومسرحية ( ماذا بعد اليوم؟) ومسرحية (الرصاصة الأخيرة) ومسرحية ( همس المقابر) ومسرحية ( الكرسي) ..وغيرها.



No comments:

Post a Comment