Saturday, July 2, 2011

مسرح الطفل ودوره في عكس قضايا الطفل(الظلم الاجتماعي والعنف)

  يشكل مسرح الطفل بوتقة ثقافية مهمة تنصهر فيها جميع فئات المجتمع، الصغار والكبار منهم، وهو فن جمالي وتربوي وإصلاحي وفكري وفلسفي في آن واحد. هذا مما جعلني ألتمس لنفسي طريقا للبحث في مدى إمكانية مسرح الطفل في معالجة قضايا العنف ضد الأطفال، سواء أكان ذلك العنف ناتجا عن الأسرة أم بفعل المجتمع أم  بسبب عدم الاستقرار السياسي. كما تستعرض هذه الورقة مدى قدرة هذا النوع المسرحي على امتصاص الطاقات  السلبية لدى الأطفال، والتي قد تكون نتيجة  ترسبات بفعل العنف الاجتماعي من قبل الأسرة، أو نتيجة تأثير وسائل الإعلام عليه، وخاصة دراما العنف والاكشن ..وهناك العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، بهدف دراسة طبيعة العلاقة بين العنف والسلوك العدواني لدى الأطفال.

وعليه فإن هذه الورقة تهدف إلى توصيف مدى قدرة مسرح الطفل على التنديد بالعنف الأسري تجاه الأطفال. كما سيتم إيضاح  إلى أي مدى استطاع مسرح  الطفل، بما يحمله من مثل وقيم امتصاص سلوكيات العنف لدى الطفل، ومن ثم توظيفها بشكل إيجابي.
وقبل الخوض في نطاق الموضوع الرئيسي، سوف نعرف ما المقصود بمسرح الطفل؟ وما الأشكال المسرحية التي تنضوي تحت إطار هذا النوع المسرحي؟ ومتى كانت البداية الفعلية له؟ وما أهم المبادىء التي يرتكز عليها كمنهج لتربية الاجيال القادمة؟... ثم سوف نتطرق لكيفية معالجة هذا المسرح لقضايا العنف  ضد الاطفال دراميا.
 بداية، نود الاشارة إلى أن مسرح الطفل يهتم بالناشئة وعالمهم السحري الذي عادة ما يكون أقرب إلى عالم الخيال والقصص، بغية إمتاع الطفل وإشباع طاقاته الحركية بأسلوب إبداعي وفني. وهو في أحيان كثيرة، يقوم الطفل بتشخيص الأدوار التمثيلية بغية التواصل مع الجمهور الذي قد يكون من الصغار أو الكبار.  ويعرف مسرح الطفل بأنه: "هو عروض الممثلين المحترفين أو الهواة للصغار سواء على خشبة مسرح أو في قاعة معدة لذلك" (1).
 وهناك تباين في الآراء حول مسألة إدخال الكبار في تنشيط هذا النوع المسرحي، فهناك الكثير من الخبراء المهتمين بشؤون الطفل، يفضلون أن يكون  الصغار، هم من يصنعون ويقدمون هذا الفن لأنفسهم، ويتعلمون التأليف والتمثيل والإخراج والتعامل مع التقنيات الفنية الأخرى، ويمكن أن يكون ذلك تحت إدارة الكبار. فمسرح الصغار هو مسرح للطفل مادام الكبار يقومون بعملية التنظير، وهو كذلك مسرح الطفل إذا كان مسرحا يقوم به الطفل تمثيلا وإخراجا وتأليفا. أما الرأي الآخر فينادي بأن من يقدم هذا المسرح هم من الكبار ولا بأس من الصغار من المشاركة، فمسرح الطفل يعتمد تارة على التقليد والمحاكاة وتارة أخرى يعتمد على الإبداع الفني والإنتاج الجمالي.

وعليه تبقى مسألة تأسيس هذا المسرح وإدارته من قبل الاطفال أو الكبار هى مسألة نسبية، خاصة أن هذا النوع من المسرح عادة ما يدرج ضمنا في إطار المسرح التربوي، الموجه والمنظر له سابقا من خبراء المسرح والتربويين وعلماء النفس. ومن المؤكد أن مسرح الطفل هو مسرح تربوي شكلا ومضمونا. ولابد لمن يعمل في مجاله أن ينضوي تحت شعار (التربية قبل الفن). وقد أشارت التجارب أن مسرح الطفل، يمكنه أن يصبح رافدا للعملية التربوية الحديثة، بما يحققه من فوائد شاملة تهدف إلى توجيه الأطفال، وتربيتهم تربية قومية واجتماعية وخلقية وثقافية وأدبية وفنية وجمالية (2).
      وفي نفس السياق، فإن مسرح الطفل يهدف إلى ترسيخ العديد من القيم النبيلة في نفوس الأطفال كحب الوطن والإيمان بوحدة الأمة العربية وتاريخها  المجيد الذي سطره الأجداد، وما قدموه للإنسانية من تراث حضاري عظيم انصهر في بوتقة الحضارة الإنسانية. كما يقوم هذا المسرح بمحاولة طرح القضايا الاجتماعية والخلقية والنفسية، حيث يتعرض للعديد من مشاكل الآباء والأمهات وعلاقتهم بالأبناء، وعلاقة الطفل بالمدرسة والبيت والأصدقاء وبما يحيط به، فيتحول مسرح الطفل إلى منارة ثقافية تنشر المبادئ التربوية والأخلاقية، وتنير الطريق أمام العلاقات السليمة.  كما أنه يمكن أن يكون عاملا قويا في معالجة بعض الأمراض النفسية،  حيث يتم اختيار الطفل للدور المناسب الذي يؤدي إلى تفريغ  شحناته الداخلية مما يساعده على التخلص من  العقد النفسية مثل الخوف والخجل وضعف الشخصية. فعند ممارسته لفن التمثيل تزداد ثقته بنفسه ويكون قادرا على مواجهه الآخر                                   (3). وهذا يؤكد  مقولة "مارك توين"  عندما قال:  "إن  مسرح الطفل من اعظم اختراعات القرن العشرين"، وأن قيمته التربوية الكبيرة التي لا تبدو واضحة أو مفهومة في الوقت الحاضر سوف يتحقق قريبا(4). ولقد تحقق بالفعل ما نادى به مارك توين ..فاصبح مسرح الطفل أحد أهم المناشط الفنية في عصرنا الحالي، وهو لم يعد نوعا من الترف الفكري والفني، وإنما  ضرورة من أجل  الوصول الى مستقبل أفضل للأجيال القادمة في أية بقعة في العالم
    وبوجه عام يمكن القول: إن أهداف مسرح الطفل تربوية وترفيهية. ويستطيع هذا المسرح أن يجسدها من خلال عرض مسرحي واحد، فيتقبلها الطفل من أعماقه. ومن هنا يتبين أهمية الدور الذي يقوم به هذا المسرح، نظرا، لأن الأفكار التي تطرحها المدرسة قد يتقبلها الطفل بنوع من التردد، أما عندما يأتي الطفل إلى المسرح ولديه رغبة حقيقية للمتابعة، فيتقبل كل ما يقدم له.
ولكي نصنف هذا النوع المسرحي الذي يخص الطفل، فلابد الاشارة إلى مراحل الطفولة التي وردت في  الكتب التربوية، وهى تنقسم إلى مراحل على النحو التالي:
أ‌- مرحلة المهد: من الولادة حتى نهاية العام الثاني (نهاية الرضاعة).
ب‌- مرحلة الطفولة المبكرة: من ثلاث سنوات حتى خمس سنوات.
ت‌- مرحلة الطفولة المتوسطة: من العام السادس حتى العام الحادي عشر.
ث‌- مرحلة الطفولة المتأخرة: من الثانية عشرة حتى البلوغ (5).
وتتضح هذه المراحل بشكل كبير في التعليم التربوي، حيث يتم تقسيم المراحل الدراسية، ويمكن الاستفادة منها في إطار أنشطة الطفل المسرحية، نظرا لتفاوت الاهتمامات من مرحلة عمرية إلى أخرى.
وهناك أشكال متعددة لمسرح الطفل يمكن الإشارة إليها هنا:
 المسرح التلقائي أو الفطري: وهو مسرح يوجد مع الطفل بالغريزة الفطرية، لذلك فإن الارتجال والتمثيل اللعبي والتعبير الحر التلقائي هو قوامه.
 المسرح التعليمي: هو ذلك المسرح الذي ينجزه التلميذ تحت إشراف المربي "المدرس" أو المشرف المسرحي وبوجود نصوص معدة سلفا ضمن المنهج الدراسي، وهو ينقسم إلى:
 المسرح المدرسي: هو ذلك المسرح الذي يستخدم التمثيل داخل المؤسسة التربوية (المدرسة الابتدائية والإعدادية والثانوية) بمثابة تقنية بيداغوجية(6) لتحقيق الأهداف الفكرية والوجدانية والحسية الحركية. ويشرف على هذا المسرح المدرس أو المشرف المسرحي، وذلك بتنشيط التمثيل الذي يقوم به التلاميذ داخل الفصل الدراسي أو أثناء المناسبات. ويستند المسرح المدرسي إلى التسلح بعدة معارف كعلوم التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع والبيولوجيا؛ نظرا لكون المسرح وسيلة إصلاحية/ تطهيرية ووسيلة علاجية ووسيلة جمالية إبداعية، وهو وسيلة لنقل المعرفة والمهارة بطرق غير تقليدية(7).
ويهدف هذا المسرح إلى إشباع حاجات الطفل الفكرية والنفسية والاجتماعية والعضوية لإيجاد التوازن لدى الطفل للتكيف مع الذات والموضوع وتحقيق النمو البيولوجي، وهو يعنى بعدد من الاختصاصات التي تنصب في إطار هذا النوع المسرحي، مثل الإنتاج ونعني به التمثيل والإخراج، وهو معالجة درامية للمواد التربوية لتحقيق  أهداف تربوية وتقنية سواء أكانت سمعية أم بصرية أم هما معا. ويمكن أن نرى تلك التخصصات بارزة من خلال عمل مسرحي  تتكاتف الجهود لاخراجه بشكل فني وتربوي.
المسرح الجامعي:  ينتمي هذا النوع المسرحي إلى ما بعد  المدرسة، وغالبا ما يكون تحت إدارة مؤسسات التعليم العالي سواء أكانت  جامعة أم  معهدا أم  كلية، ويكون الطلاب المنتسبون إليه، ممن يمتلكون موهبة ممتدة من المراحل الدراسية الأولى عندما كانوا  تلاميذ وأطفالا، تحت إشراف أساتذة جامعيين متخصصين في المسرح كتابة وسينوغرافيا وإخراجا(8).
 مسرح العرائس: هو مسرح الدمى، وهو نوعان: نوع يحرك أمام الجمهور مباشرة بواسطة خيوط، والآخر يحرك بأيدي اللاعبين أنفسهم. وهو مسرح مكشوف يعرض قصصه في الهواء الطلق وله ستارة تنزل على الدمى أو ترتفع عنها. أما الممثلون فشخص واحد أو أكثر وقد يصلون إلى خمسة وهم على شكل دمى محركة بواسطة أيدي اللاعبين من تحت المنصة أو بواسطة الخيوط (9). علما بأن لهذا المسرح تأثيرا كبيرا على الصغار، حيث يبهرهم ويدهشهم بقصصه الهادفة التي تسعى إلى إيصال القيم الفاضلة والقيم النبيلة. أما بدايات ظهوره ،فكانت عند  قدماء المصريين (الفراعنة) والصينيين واليابانيين وبلاد ما بين النهرين وتركيا. ولكن تشير المصادر إلى  أن اليابانيين أجادوا مسرح العرائس، حتى أصبح إحدى أدوات التعليم والتلقين لديهم، وهو فن يحظى بجماهيرية شعبية ويقبل عليه الناس، بل أن هناك مخرجين معاصرين اعتمدوا على  هذا المسرح مثل  (كبيتر شومان) في مسرحه الذي يسمى بمسرح الدمى والخبز(10).
 مسرح خيال الظل: يصنع  خيال الظل من امتداد  الأشعة الضوئية لتجسيد الأشياء والتي من خلالها تنعكس الظلال على شاشة خاصة وذلك باستعمال الأيدي والأرجل وبعض الصور. ويرجع تاريخ  خيال الظل  إلى بعض البلاد العربية مثل مصر والعراق. ويذكر أن صلاح الدين الأيوبي حضر عرضا لخيال الظل مع وزيره القاضي الفاضل عام 567هـ، ومن أبرز إعلام هذه اللعبة ابن دانيــال الموصلي والشيخ مسعود وعلي النحلة وداود العطار الزجال. وقد ارتحل خيال الظل عبر مجموعة من الدول والمناطق ليستقر في الوطن العربي، بعد أن انتقل من الهند إلى الصين حيث تسلمته القبائل التركية الشرقية، والتي سربته بدورها إلى فارس ثم إلى الشرق الأوسط وتلقته مصر لتنشره في شمال إفريقيا(11).

تاريخ مسرح الطفل:

يعود تاريخ مسرح الطفل إلى قدماء الصينيين الذين عرفوا هذا النوع المسرحي قبل ألفي عام قبل الميلاد من خلال العروض التي كانوا يقدمونها في الأعياد الدينية، وما يقدم فيها من رقصات وراقصين بالسيف. ويفيد كتاب "بهارتا" في المسرح الهندي القديم أن المسؤولين والقائمين على شؤون المسرح يتلقون تكوينهم منذ مراحل مبكرة من عمرهم على أيدي آبائهم وأجدادهم. وقد لقن "بهاراتا" أسرار هذا الفن إلى أبنائه العشرين بأمر من "راهاما" نفسه. أما الأغريق فكان الشباب في مدينة أثينا  يتعلمون الرقص التعبيري ضمن البرنامج الدراسي. وقد أورد أفلاطون في "جمهوريته" ضرورة تلقين الجند فن المحاكاة، وذلك بتمثيل أدوار درامية تتعلق بالمروءة والفضيلة والشجاعة دون غيرها من الأدوار المشهدية تفاديا من تأثير محاكاة الرذيلة على طباع الجنود. كما أن أفلاطون أشار إلى ما يؤكد وجود عرائس القفاز و أول من نعرفه فنانا للعرائس وهو يوتينوس، وهو رجل إغريقي كان يقدم عروضه على المسرح الكبير للإله ديوثيوس في أثينا(12).
أما في الدول الغربية، فقد كانت بداية  مسرح الطفل في فرنسا، حيث اهتم كبار أعلام المسرح الكلاسيكي بالمسرح المدرسي، حتى إن رجال الكنيسة الذين أعلنوا رفضهم للمسرح وثاروا عليه وشنوا عليه حربا شعواء وجدوا في ممارسة هذا الفن في الحقل التربوي فائدة ومتعة. فهذا مثلا بوسوي (1627-1704) الذي كان عدوا لدودا للفن الدرامي يعلن في كتابه (خواطر وأفكار عن التمثيل) :  " أنه ليس من الجائز منع المسرحيات الموجهة إلى الأطفال والشباب مادامت تسعف الأساتذة في عملهم التربوي عندما يتخذونها تمارين تطبيقية وأنشطة فنية لتحسين أسلوب ناشئتهم وتنظيم عملهم الدراسي". كما ألف جان راسين ((1699-1639 تراجيديتين حول مواضيع إنجيلية وهما: إستير أتالي، الأولى في 1689 والثانية في 1691م خصيصا لتلميذات معهد سانت سير Saint- Cyr نزولا عند رغبة مادام مانتونون(13).
وفي سنة 1874 قدمت مدام أستيفاني دي جينليس (1746-1830) عرضا مسرحيا خاصا بالطفل في حديقة ضيعة دون شارتر بضواحي باريس وقصة العرض تعبيرية (بانتوميم)، وعرضت كذلك مسرحية (المسافر) وقد قام بأدوارها أبناء الدوق، ومسرحية (عاقبة الفضول) التي تصور ما يجلبه الفضول على صاحبه، وكان التأليف والتلحين لمدام دي جينليس المربية. وسار أرنود بركين ((1749-1791 على غرار دي جنليس في تقديم العروض المسرحية المتعلقة بالأطفال، وهما معا من أتباع مدرسة الكتابة للأطفال في فرنسا(14). كما شجب كل من  مدام دي جينلس وبركين بعنف القصص الخيالية وقصص الجن والخرافات، وقدما في زعمهما القصص المناسبة للأطفال وكانت مستوحاة من تعاليم روسو، وحرصا فيها كل الحرص على التربية الاستقلالية الطبيعية (15). وقامت مدام ديجينلس بإصدار ثلاثة كتب للأطفال، وهى كالتالي: كتاب (مسرح للأشخاص الناشئين) سنة 1779 وكتاب (آديل وتيودور أو رسائل حول التربية) 1782 وكتاب (سهرات القصر) عام 1784. إذن، فالبداية الفعلية الأولى لمسرح الطفل كانت على يد المربين والمربيات الذين استفادوا من آراء جان جاك روسو الذي دعا في كتابه (إميل) إلى الانتباه إلى لعب الطفولة قائلا: "أحبوا الطفولة وفضّلوا لعبها ومتعها وغريزتها المحبوبة" (16).
وعليه، فقد استفاد مسرح الطفل من مبادىء التربية الحديثة التي تنص على حرية الطفل، كما عند جان جاك روســو في كتابه "إميل" علاوة على أهمية اللعب والتمثيل ومعرفة الحياة عن طريق الحياة باعتبارها مرتكزات جوهرية في التربية الهادفة. ومن ثم، تشرب هذا المسرح بآراء روســو وماريــا مونتسوري وجون ديوي ودوكرولي وباكوليه وكلاباريد وبول فوشيه وبستولوزي ومونتسوري وسوزان إسحاق.
وإذا انتقلنا إلى إسبانيا فإن أول عرض مسرحي للأطفال كان بعنوان "خليج الأعراس " سنة 1657 م، وقد قدم العرض بحديقة الأمير فرناندو ابن فيليبي الرابع ملك إسبانيا، وهو من تأليف الكاتب المسرحي الكبير بدرو كالدرون دي لاباركا الذي أنعش عصره الذهبي بالكثير من المسرحيات الممتعة والهادفة(17). أما في روسيا فقد ظهر  مسرح الطفل سنة 1918 م . وجعل قصصه الدرامية غربية مثل: ملابس الإمبراطور والأمير والفقير، وهدف هذا المسرح إيديولوجي من خلال إظهار بشاعة الرأسمالية وحقارة المحتكر. ويثبت مكسيم كـوركي سنة 1930 م هذا التوجه الإيديولوجي لمسرح الطفل بقوله: "ومن التزامنا بأن نروي لأطفالنا القصص بطريقة مرحة ومسلية، فالإلزام أن تصور القصص وتلك المسرحيات بشاعة الرأسمال وحقارة المحتكر"(18).
ومن جهة أخرى، فقد تبنت المؤسسات التربوية مجموعة من الأنشطة المسرحية في الكثير من بلدان العالم، وكانت تستهدف فئة الصغار، وجمعت عروضها بين المتعة والفائدة، والتسلية والتهذيب الأخلاقي. فقد أنشئ أول مسرح للأطفال 1903 في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان مسرحا تعليميا يشرف عليه الإتحاد التعليمي في نيويورك، ولكن هذا المسرح، لم يستقر سوى بضع سنوات، وأنشئت بعد ذلك مؤسسات، وجمعيات مختلفة لمسارح الأطفال منها جمعية الناشئين التي قدمت أول عمل مسرحي لها عام 1922 م (19).
    أما في الوطن العربي، فقد عرف مسرح الطفل عن طريق " تمثيليات خيال الظل"  التي جاءت من  الصين  بعد غزو المغول للعراق. وظهر هذا الفن على يد ( الحكيم شمس الدين بن محمد بن دانيال بن الخزاعي الموصلي) الذي عاش في القاهرة ثم غادر إلى تركيا عام 1507م . كما تشير المرجعيات التاريخية إلى البدايات الفعلية لمسرح الطفل في الوطن العربي، كانت من خلال الارساليات في إنشاء المدارس عام 1848 التي اهتمت بالمسرح المدرسي من خلال الحفلات الدراسية التي تحتوي على النشاط المسرحي (20) .
     وهكذا يظل مسرح الطفل في الوطن العربي بالرغم من تعدد صوره وأشكاله، فنا حديثا، حيث تشير المرجعيات التأريخية بأنه لم يعرف إلا من خلال الخمسين سنة الأخيرة. وبذلك  نستنتج بأننا أمام مسرح حديث من حيث النشأة والتكوين ..لذا لابد من الاشتغال عليه وتطوير إمكانياته للاستفادة منه في صقل قدرات الأطفال، وتقديم من خلاله الموضوعات الجادة التي تعالج قضاياهم وتنمي لديهم الذائقة الفنية وتدافع عن حقوقهم.

أهمية مسرح الطفل :

    يعتبر مسرح الطفل من أهم الوسائل التربوية التي تساعد على بناء شخصية الصغار في مرحلة مبكرة، بالاضافة إلى دوره في الارتقاء بالذوق الفني والجمالي لديه. ويوفر هذا المسرح من خلال ما يقدمه للطفل من دراما ثرية بالمعلومات التي تقدم له في قالب درامي. وهناك الكثير من المسرحيات تضع على عاتقها مسؤولية تقديم صور حية من الواقع لهذا المتلقي الصغير، كما تسعى إلى تأصيل الثقافة والفن في نفسه، وتضعه وجها لوجه مع بعض المفاهيم، والبنى الأساسية التي تلم بكل جوانب الحياة، كما أنها تنمي لديه الحس النقدي منذ الصغر. وتسهم تلك الأعمال المقدمة في تنشيط ذاكرة الطفل، عن طريق جعله يتفاعل مع العرض المسرحي المقدم، فنراه يناقش القضايا المطروحة أمامه والتي في الأغلب تكون مستوحاة من واقعه الاجتماعي (21).
   ولقد تفطن علماء النفس في دراساتهم إلى أن للمسرح أثرا في تطهير النفس، لأن التمثيل المسرحي يقوم بمعالجة كثير من الأمراض السيكولوجية التي يعاني منها الطفل، وهو يعمل على تفريغ كافة انفعالاته وشحناته النفسية. إلى جانب ذلك يكتسب الطفل الخجول الثقة بالنفس ويتخلى عن انطوائيته وأنانيته في بوتقة التعاون الجماعي. كما أنه يبتعد عن ميوله الإجرامية، لأن السماح للأطفال الذين يعانون من اضطرابات بتمثيل مواقف مجسدة لها يمهد الفرصة لكسب الثقة بالنفس . فحينما يشخص التلميذ دورا فإنه في الحقيقة، ينفس عن الحالة التي يعاني منها عندئذ ستزول سيطرتها عليه وعلى نفسيته. إلى جانب هذا نجد أن المسرح عند الطفل يسمح لنا باكتشاف قدراته، ومواهبه وميوله، ويعطيه مجالا واسعا للتعبير عن ذاته، كما أن تقمصه لأدوار عديدة ومختلفة يمكّنه من اكتساب خبرات متنوعة اجتماعيا (22). ويذكر ( جيروم كاغان) أربع عمليات مترابطة يمر التقمص عند الأطفال بها، وهى كالتالي:
الأولى: هى حالة التماثل بين الطفل والنموذج المحتذى به، بتصور الطفل مشاركته للآخر بخصائص جسدية ونفسية . والثانية: وهى عبارة عن تجربة التأثر بالنيابة حينما يشعر الطفل بشعور يلائم النموذج حيث يشارك الطفل النموذج في حالة عاطفية خاصة. والثالثة: تنبع هذه العملية من رغبة الطفل في اكتساب صفات النموذج الجذابة. والرابعة: يتبنى الطفل المعتقدات والقيم والسلوك الأقرب إلى النموذج ، مثل النفوذ والسلطة..فهو يسعى إلى تقليد هذا النموذج (23).
ومن المسلم به، أن طفل اليوم، يمتلك مقدرة ذكائية تفوق الاجيال السابقة، وذلك  نتيجة الطفرات العلمية الهائلة في كافة المجالات، لذا عند  تقديم عرض مسرحي، لابد من السعي حثيثا للتعامل معه بشكل عميق وجاد، لكون الطفل هذا الجيل يمتلك مقدرة عالية في تفسير ما يراه فلابد من استثارة  ذهنه على التفكير والاكتشاف والاستنتاج والابتعاد قدر الامكان عن القصص الخيالية التي قد لا تفيده في حياته مستقبلا. كما يتيح مسرح الطفل للناشئة فرصة للتفكر والابداع والبحث عن الحلول الى جانب الممثل والحدث تلك هي الحالة الناضجة في العمل المسرحي. كما يفترض تقديم نص لا يجيب على كل الاسئلة بل يتضمن عددا من التحديات بعيدا الحلول الجاهزة. وهذا بدوره يعطي العرض النصف ويبحث الطفل عن النصف الآخر، كي يفعل ذهنه وخياله. وبذلك يكون مسرح الطفل يصل بالمتفرج الصغير الى ما بعد الفرجة المسرحية، كي يبقى تأثيره ملازماً له إلى ما بعد انقطاع الفرجه البصرية والحركية والموسيقية، يأخذه معه إلى الشارع والمدرسة، وهو لا أن ينتهي بمجرد انتهاء العمل وهذا بالضبط ما يوجد جمهوراً مسرحياً حقيقياً وليس بمتلقيا سلبيا  (24).

الطفل والعنف
   إن تناول موضوع العنف تجاه الأطفال موضوع شائك، ونجده أكثر ما تناولته كتب علم النفس وعلم الاجتماع والتربويون. وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالتعرض للمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الأطفال التي أقرتها منظمات حقوق الانسان وغيرها(25). إلا أنه قبل ذلك، لابد من الاشارة إلى تشريعات ديننا الحنيف الذي كفل للطفل حقوقاً واضحة ومعروفة، وذلك لحفظ كرامته وصونها وضمان نموه نفسياً واجتماعياً وجسدياً بالشكل الطبيعي(26) .
    و عند مناقشة موضوع العنف ضد الأطفال، لابد من تعريف العنف من خلال  ما ورد عن  منظمة الصحة العالمية التي عرفته بأنه:  هو الاستخدام القصدي أو العمدي للقوة أو السلطة، أو التهديد بذلك، ضد الذات أو ضد شخص آخر أو عدد من الأشخاص أو المجتمع بأكمله وقد يترتب على ذلك أذى أو موت أو إصابة نفسية أو اضطراب في النمو أو حرمان. كما يعرف  علماء السلوك العنف  بأنه نمط من أنماط السلوك الذي ينبع عن حالة إحباط مصحوب بعلامات التوتر ويحتوي على نية سيئة، لالحاق ضرر مادي ومعنوي، بكائن حي أو بديل عن كائن حي(27). و يشمل العنف ضد الأطفال جميع أشكال العنف الجسدي  والنفسي.  فهو يتضمن الإهمال المتعمد أو المعاملة السيئة أو الاستغلال بما في ذلك الاستغلال الجنسي للأطفال. ويأخذ الأمر منحى أكثر خطورة حين يكون مصدر العنف من القائمين على رعاية الطفل أو المسؤلين عنه(28).
ويقصد بالعنف ضد الطفل : " أي فعل ، أو الامتناع عن فعل ، يعرض حياة الطفل وأمنه وسلامته وصحته الجسدية والجنسية والعقلية والنفسية للخطر – كالقتل ، والشروع في القتل ، والإيذاء ، والإهمال وكافة الاعتداءات الجنسية " . أما الاعتداء العاطفي : بوصفه النمط السلوكي الذي يهاجم النمو العاطفي للطفل وصحته النفسية وإحساسه بقيمته الذاتية. وهو يشمل الشتم والتحبيط والترهيب والعزل والإذلال والرفض والتدليل المفرط والسخرية والنقد اللاذع والتجاهل(29). وهناك أيضا الإساءة اللفظية من قبل الوالدين : هي تلك الألفاظ أو الكلمات التي يستخدمها الوالدان ضد أطفالهم و التي تسبب آلام و فيها قسوة نفسية للطفل (30).
وتشير نتائج إحدى الدراسات التي أجريت في البلدان الغربية أن  العنف ضد الأطفال لا يعلن ولا يعلم منه اكثر من 10٪ منه، بينما 90٪ منه يظل في الكتمان داخل المنازل. وأما في مجتمعنا العربي الذي تركز على مفهوم الأسرة والسلطة الوالدية فلا يعرف بالضبط كم نسبة العنف ضد الطفل.  ومأساة العنف ضد الطفل أنه لا يشكو ولا يهرب ولا يقاوم فهو ضحية سهلة وميسرة في اي وقت يشعر الوالد في الرغبة في العنف او في حالة الانفعال او الغضب (31) .
وهكذا لابد من زيادة فعالية دور الرعاية الاجتماعية، ليشمل جميع الأطفال، ليس الأطفال اليتم في المجتمعات العربية، حيث لايوجد قانون إلى الآن يحاسب الآباء على الاساءة في المعاملة لأطفالهم. كما أن غالبيـة الحـالات لا يعلن عنها، والطفل لا يمكن أن يذهب للابلاغ في حالة تعرضه للايذاء، ولكن يا ترى في مثل هذه الحالات من يكون المسؤل عن الطفل؟

خلفية تاريخية عن الإساءة للأطفال
  تعتبر ظاهرة الإساءة للأطفال من أخطر الظواهر التي تقف في وجه تقدم المجتمع و تهدد تماسكه من كونها تنشئة اجتماعية غير صحية و خاطئة.  لذلك توجهت الأنظار من أجل العمل على إيجاد نظام لحماية الأطفال خاصة وأن تاريخ الطفولة يعتبر مظلماً منذ قرون في أوروبا، حيث سادت أشكال القتل و التعذيب. من تلك الأشكال أن حدد في القرن السابع عشر قانون فرنسي يسمح للأب بقتل أولاده مما يدل على أن الطفل لم يكن موضوعاً ذا أهمية خاصة، و أن إباحة القتل كانت تتعلق بالأطفال الشاذين أو المعوقين أو كثيري الصراخ ، كما كانت ظاهرة بيع الأطفال للأغنياء مقابل الحصول على ثمنهم منتشرة، كذلك ظاهرة استغلال الأطفال في العمل. وبدأت محاولة التغيير في وضع الأطفال في نهاية القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر و يظهر أوضح إنجاز عام 1899 عندما استطاع الاتحاد النسوي لسيدات ولاية الينوي الأمريكية الحصول على موافقة الحكومة المحلية في إنشاء محكمة خاصة بالأحداث(32).
ورغم قدر الإساءة التي تعرض لها الأطفال عبر التاريخ، إلا أن الاهتمام بهم وجد حديثاً، حيث بدأ طبيب أخصائي أمريكي أخصائي أشعة يدعى كافيه عام 1964 بالتحدث عن الإساءة الجسدية للأطفال من خلال وصف حالات نزيف دماغي و كسور عظام كان يقوم بتصويرها أثناء عمله . أما الدراسات التي تتحدث عن آثار الإساءة اللفظية على نفسية الطفل فهي قليلة بشكل عام و من أوائل هذه الدراسات  دراسة في عام  1988 (33).

بالرغم من أن هناك العديد من المنظمات التي ترعى حقوق الطفل، إلا أنه لا يزال هناك من  يتعرض للاساءة  غير مكشوفة وذلك حسب التقارير والاحصائيات الصادرة عن هذه المنظمات العالمية(34). كما أن تعدد أشكال العنف تختلف باختلاف ثقافة المجتمعات والأديان والعرقيات التي تتفاوت من بلد إلى آخر. إضافة  إلى الأسباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تكون وسيلة لضغط على الوالدين. ويتبلور ذلك الضغط في خروجه على أشكال مختلفة من العنف. وبعد أن يتعرض الطفل للعنف الواقع عليه من المحيطين به، يمتصه ويسقطه على الآخرين.  ولكن كيف استطاع مسرح الطفل أن يعكس أشكال العنف ضد الأبناء من قبل الأسرة أو المجتمع أو المحتل؟

نماذج مسرحية تصور أشكال العنف ضد الاطفال

  إن ظاهرة العنف ضد الأطفال تتولد نتيجة مسببات كثيرة قد تكون اجتماعية أو اقتصادية، مما يجعله معرضا للاساءة الجسدية والنفسية. مما يولد لديه ترسبات نفسية تجعله غير قادر على التعاطي مع مفردات مجتمعه بشكل إيجابي. وهناك العديد من العروض التي قدمت العنف الاجتماعي وأثره على نفسية الطفل، والتي تكون نتيجة الضغط النفسي للوالدين بسبب ظروف الحياة الاجتماعية والسياسية – كما ذكرت سابقا- ، ونسوق في الأسطر القادمة بعض النماذج المسرحية التي تعكس العنف ضد الأطفال:

عرض مسرحية ( بالك بتهون) : عرض مسرحي فلسطيني يتعرض لموضوع العنف الواقع على الابناء في محيط الأسرة. يفتح العرض باب التساؤلات وطرح الأفكار والحلول. وهو من بطولة الفنان المسرحي حسين نخلة الذي يؤدي دور ( الشيخ متولي) بالاضافة إلى مجموعة من الأطفال. وقد قدم العرض في قرية  برقة على بعد 20 كيلو مترا الي الشرق من رام الله بالضفة الغربية . وتناقش هذه المسرحية العنف الأسري من خلال معالجة درامية لقصة ( ابو العبد ) وزوجته ( بهية) . وذلك بعد تعرض ابو العبد "لعلقة ساخنة" من جيش الاحتلال الاسرائيلي بسبب محاولته الدخول الى القدس، دون تصريح للبحث عن عمل ويقول "أنا بربيهم بالذات الابرص ما اثقل ايده.. بفكر حاله بضرب بحمار.. بس انا بهدلت صحتهم ما حكو ولا كلمة... ضربوني كسروني".
ويدخل الزوج والزوجة في حوار جدلي، يثير فضول المشاهدين في متابعة بقية الاحداث، حيث ترد الزوجة على الزوج في بعض هذه المقاطع قائلة: "من كل عقلك رايح على القدس". وهكذا تستعرض هذه المسرحية حالة الفقر التي تعيشها الاسرة من خلال اجابة الزوجة بأنه لا يوجد شاي او قهوة او كهرباء او ماء في المنزل ويقول ابو العبد هنا قبل ان يتحول الى شخصية عنيفة "مئة سنة وبعدين بتفرج" . ويبدأ بعد ذلك بالصراخ على زوجته وشتمها وضربها أمام ولده الذي تضربه امه، ثم يخرج ويضرب ابن الجيران. وهذا يؤكد بأن الضغط الاجتماعي والاقتصادي الواقع على الأهل، يكون نتيجته العنف ضد الأطفال. وسرعان ما يؤثر ذلك العنف على نفسية الابناء ويتحول إلى سلوكيات عدوانية تجاه الأطفال الآخرين المحيطين بهم . ولا تكتفي المسرحية بهذا العرض المباشر، لاسباب انتشار العنف في المجتمع بل تضيف اليه نموذجين ايجابيين يتمثل الاول في الحماة (نجاح ابو الهيجا) والشيخ متولي اللذين يلعبان دورا فاعلا في محاولة اصلاح شأن العائلة التي يسحقها الفقر ويدمرها العنف(35).
   ويتضح من هذه المسرحية بأن هناك طرحا لقضايا العنف الأسري تجاه الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة في أغلب الاحيان، والذي ربما يكون نتيجة عدم الاستقرار السياسي، كما هو في العرض السابق، مما ينعكس سلبا  الظروف الاجتماعية والاقتصادية، ويجعل الوالدين غير قادرين على التعامل مع أطفالهما يسقطان عليه العنف الذي قد يكون جسديا أو لفظيا أو أي شكل آخر من العنف.
نماذج مسرحية أخرى تدعو إلى إيقاف العنف ضد الأطفال في زمن الحرب من خلال تقديم عروض مسرحية مدرسية خلال الدورة الرابعة للمسرح المدرسي بالعراق، حيث انعدام الاستقرار والأمان هناك. حيث يعترض الأطفال للعنف والفصل العنصري والطائفي وتهميش الآخر وطرح مفاهيم هدامة لا تمت بصلة إلى حاضر ومستقبل العراق. وقد أكدت العروض المقدمة ضرورة القضاء على هذه الثقافة اللا انسانية القادمة من وراء الحدود باعتبارها آفة تنخر جذور المجتمع، وهى كالتالي(36):
 
مسرحية ( فوق النار ... فوق الثلج ) ثنائية التضاد والتناقض : 
من إعداد وإخراج الفنان أحمد موسى  وهى من بطولة مجموعة من الطلاب، ويستند المخرج على جملة من الشعر الاسباني المعاصر و قصيدة ( الليل وأحداق الموتى ) للشاعر رشيد مجيد. والعرض ثري بالتضاد والتناقض ما بين النار والثلج اذ يحاول البحث عن الذي يحول الحب الى حدائق وإبراز ما يحول الجمال الى قمامة ويحول هذا العالم الى مستنقع يمتلئ بالفوضى والدم . ينجح المخرج في تقريب الشعر كتمهيد درامي، وخاصة باستعارته للعبة مصارعة الثيران المشهورة في أسبانيا مما يجعله قريبا من  ذهنية الطلبة . ومن ثم يجعل تلك العبارة أقرب إلى الواقع المحلي، ويجعلها تثير نوعا من الحماس الوطني والجمالي، ويؤكد فكرة السلام من خلال بقاء الانسان ككائن مبدع لا بصفته وحشا مفترسا . ويعد هذا العرض وثيقة إدانة صارخة بوجه العنف الواقع على الطفل من قبل المحتل، وما جاء به من ممارسات ومفاهيم أساءت للكثير من عادات وقيم المجتمع العراقي .

 
مسرحية ( الجرس ) .. سؤال التاريخ:  يقدم لنا المؤلف محمد حسين عبد الرزاق التساءل المشروع حول أهلية التاريخ وما حواه سابقا وأي تاريخ يمكن أن نستند إليه، وهل يمكن أن نعيش ونساير ما كان سائدا في قرون غابرة، عفا عليها الدهر حينما احتكمت إلى تطبيقات الواقع المعاصر فهو يختار مفردة الجرس ليكون المنبه لصوت الحضارة بوجه آلية الخراب والتدمير التي حلت بالوطن . وأثارت بساطة الاخراج استحسان من الجمهور، حين وضع اسم بغداد على باب المدرسة كتأكيد لقيمتها الثقافية والعلمية وما تمثله من رمز للوحدة والتماسك . وتعد حركة المخرج الممثل مدير المدرسة وهو يقرع الجرس بدورانه حول التلاميذ ومحاولته رفع صوت الجرس لتعلو على أصوات الانفجارات التي تحيط بالمدرسة، من الالتماعات المهمة التي تحسب لصالح العرض، وهو بهذا يجسد لنا فعلا مسرحيا ازاء ما يحدث حولنا!! فأي تراجيديا تلك التي تدور وسط أجواء العنف والدمار لتقول لنا أن الأهم سيكون الفعل الجريء المشاكس لا بالكلام فقط !!.
 مسرحية ( اقتراب داخل الضوء ) : من تأليف وإخراج الفنان زيدان حمود ومن تقديم مجموعة من الطلاب الموهوبين. وفي هذه المسرحية حاول المخرج التنديد بالاحتلال، وكل ما جاء به من تشتيت لأواصر المجتمع العراقي فقدم شخصيات تخرج من شخصية واحدة تعاني من الحجز والاهمال. وكانت تلك الشخصيات ترتدي أقنعة سوداء وبيضاء وتدخل في جدال مستمر مع شخصية الآخر ذي القبعة الرمادية الذي يسقط صريعا في نهاية العرض أمام الجميع. ومن ثم تحاول تلك الشخصيات إجباره على الركوع وخلع قبعته. وبعد ذلك تقوم بقية الشخصيات  بالكشف عن نفسها من خلال خلع أقنعتها . أما بالنسبة للغة التي كتب بها النص فهى أقرب إلى اللغة الشعرية التي يعتريها نوع من الغموض . وهذا مما جعل  لغة النص لا تتلاءم مع مفردات المسرح المدرسي الذي يتطلب البساطة والوضوح، نظرا لأنه يقدم لطلاب المدارس الذين لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة عاما مما قلل من تفاعلية الصالة مع العرض المسرحي .
     وهكذا يتضح لنا أن العروض المنتقاة جاءت لتؤكد حقيقة واحدة، مفادها أن المسرح قادر على أن يعبر عن قضايا الطفل وصراعه مع الآخر، وبالرغم أننا نعيش في وطننا العربي الذي يتمتع بالتماسك الاجتماعي مقارنة بالدول الغربية التي تعاني كثيرا من التغريب الاجتماعي. كما أننا ننعم بنعمة الاسلام، حيث يحثنا ديننا على التكافل الاجتماعي ورعاية الأطفال وكبار السن، وهذا أعطى لكل فرد حقه في العيش بأمان واستقرار. ولكن هذا لايمنع هناك بعض الحالات الاستثنائية التي تنتهك فيها حقوق الاطفال، وخاصة في ظل ضياع الاستقرار الاجتماعي والسياسي. وبرغم دور منظمات حقوق الإنسان ودور الرعاية الاجتماعية التي تبحث في شؤون الأطفال، لابد من الاعتراف بأننا نعاني أيضا من بعض التجاوزات من قبل الوالدين في إلحاق الضرر بالآخرين ..لذا من الواجب توعية المجتمع بحماية الصغار، ويعتبر مسرح الطفل من هذه الوسائل التي يمكن من خلالها تقديم عروض تندد بالعنف. أما في الدول التي تفتقد إلى الاستقرار السياسي، والذي يتبعه في أغلب الاحيان الضعف الاقتصادي وانتشار التفكك الاسري، فإن الاهتمام بالطفل يصبح مسؤلية الجميع، وخاصة في حالة فقد أحد الوالدين، مما يتيح للمنظمات الانسانية التدخل لحماية الأطفال.
بالطبع هناك أشكال أخرى من مسرح الطفل غير التربوي مثل مسرح خيال الظل ومسرح العرائس واللذين يمكن من خلالهما طرح قصص الأطفال التي تعكس قضايا الطفل وتعكس القيم النبيلة . إلى جانب ذلك، يمكن أن تقدم عروضا حية تستعرض من خلالها الظلم الأسري الواقع على الطفل، نتيجة عدم مراعاة مشاعره وأحاسيسه البريئة. ولكن هل أثر مسرح الطفل بالفعل في زيادة وعي المجتمع للتقليل من العنف الواقع على الأطفال؟ هذا ما سأتركه للباحثين  للاجابة عليه من خلال دراسات أخرى.



الخلاصة:

   مما لايدع مجالا للشك، أن مسرح الطفل يعد من أعظم الابتكارت في القرن العشرين كما قال "مارك توين" ، ولقد اتضحت قدرته على استيعاب قضايا الأطفال في العالم، مما يؤكد دوره التربوي الرائد. وهذا يضعه في مرتبة الأستاذ الملقن للأخلاقيات والمثل العليا، بل إنه معلم اهتدت إليه عبقرية الإنسان لأن دروسه لا تنتقل عبر الكتب المدرسية بل بالحركة التي تبعث الحماس وتصقل المواهب وتنفذ إلى قلوب الصغار دون سابق إنذار .

   لذا لم يكن غريبا أن نرى هذا المسرح قادرا على استيعاب قضايا العنف ضد الأطفال، والتي زادت نسبتها مؤخرا، نتيجة زيادة التفكك الأسري، وأحيانا بسبب الفقر وقلة المادة لدى الأسرة، مما يجعل الطفل هو الضحية الأولى. كما أن عدم الاستقرار السياسي – نموذج العراق حاليا- يجعل الاطفال معرضين للعنف والاختطاف والتحرش الجنسي والتهجير والعمل في مهن شاقة ووضيعة قد تعرضهم للخطر مثل الترويج للمخدرات والتسول والسرقة. ومن منطلق ذلك فان مسرح الطفل هو المرآة العاكسة لقضايا الأطفال وهمومهم الاجتماعية والاقتصادية والأسرية. وهو وسيلة مثلى لتشكيل  الثقافة المسرحية لديهم مما يجعلهم قادرين على مناقشة قضاياه وحقوقهم.
علاوة على ذلك، فإن تفعيل دور هذا المسرح سيفعل كافة أفراد المجتمع للتكاتف مع أولياء الأمور والمدرسين والأطباء وأجهزة الشرطة والقضاء والاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وكافة العاملين في مجال تنشئة الطفل، لضمان الحفاظ على  حقوق الاطفال وحمايتهم من أشكال العنف التي قد يتعرضون لها. وذلك من خلال تقديم عروض مسرحية جادة تعلمهم كيفية التعامل مع الآخر وحثهم على الابلاغ فى حالة تعرضهم للإساءة أو العنف من قبل الآخرين. ولما كان الطفل في أغلب الأحوال يكون قاصرا وغير قادر عن الدفاع عن نفسه، فإنه لابد من الجهات الأمنية أن تضع عقوبة رداعة لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليه. وتبقى ثنائية الفن والواقع مستمرة فالفن يعكس الواقع ويقدمه بصورة جمالية، تجعل الطفل يقبل عليه، خاصة إذا كانت الموضوعات المطروحة تلامس حياته الخاصة وتعبر عن شجونه وأحلامه وآمله. لذا كان لابد من الحرص على تقديم عروض مسرحية خاصة بالطفل من قبل المهتمين بالشأن المسرحي. إلى جانب احتواء العروض المسرحية للكبار على الموضوعات التي ترتكز على قضايا الناشئة في المجتمع.



الحواشي :

1. عبدالمنعم، زينب، مسرح ودراما الطفل، عالم الكتاب، لقاهرة، الطبعة الأولى، 2007، ص15.

2. أودام، موقع إلكتروني، بتاريخ 20/1/2008. http://www.awu-dam.org/

3. الشماس، عيسى، أدب الأطفال بين الثقافة والتربية، وزارة الثقافة، دمشق، 2004م، ص 84.

4. خضر، محمد، تجربتي في المسرح المدرسي، الكويت، 1992م، ص 107.

5. الأحمد، إبراهيم،  نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال، كتاب الأمة، رقم 59، السنة 17، 1997، ص:4.

6. البيداغوجيا مصطلح تربوي أصله يوناني ويعني لغويا العبد الذي كان يرافق الأطفال إلى المدرسة. من الصعب إيجاد تعريف محدد للبيداغوجيا، و ذلك راجع إلى ارتباط المصطلح بمصطلحات مجاورة له. ويعتبر إميل دوركايم البيداغوجييا، نظرية تطبيقية للتربية تستمد مفاهيمها من علم النفس و علم الاجتماع. بالنسبة لروني أوبير، هي ليست علما ولا تقنية ولا فلسفة ولا فنا. بل هي هذا كله منظم وفق تمفصلات منطقية. وبصفة عامة تعني البيداغوجيا مجموع طرق التدريس. وقد نشأ عن المدارس الفلسفية ومدارس علوم النفس المختلفة تمظهرات ومقاربات مختلفة للبيداغوجيا وطرق مختلفة لتحقيقها. من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.


7. ديوان العرب، موقع إلكتروني، بتاريخ  3 يونيو2008
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article8524
8. المنيعي، حسن، المسرح……مرة أخرى، سلسلة شراع، طنجة، عدد: 49-،1999 ص 68 – 78.
9. الطالب، محمد، ملامح المسرحية العربي الاسلامية، منشورات دار الآفاق الجديدة، المغرب ، ط1/1987، ص 124 – 125.
10. ديوان العرب، المصدر السابق.
11.الطالب، محمد، المرجع السابق، ص125.
12. خضر، محمد، المرجع السابق، ص105.
13. موقع إالكتروني، بتاريخ 3 يونيو2008
http://boumerdesacademie.dzblog.com/categorie-39524.html
14. خضر، محمد، المرجع السابق، ص110.
15. الحديدي، علي، في أدب الأطفال، مكتبة الأنجلو المصري، ط 2، 1976 م، ص 48 – 49.
16. جعفر، عبد الرازق: أدب الأطفال، منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق، 1979 م، ص 99.
17. حسن، مادي: (المسرح كتقنية بيداغوجية داخل المدرسة)، مجلة التربية و التعليم، العدد 16/1989 / السنة 5 ص 31.
18. عبد السلام، مصطفى، تاريخ مسرح الطفل في المغرب، مطبعة فضالة، المحمدية، ط 1،1986 ،ص 10.
19. موقع إالكتروني، بتاريخ 3 يونيو2008
http://boumerdesacademie.dzblog.com/categorie-39524.html
20. عبدالمنعم، زينب، المرجع السابق، ص15.
21. موقع إالكتروني، بتاريخ3 يونيو2008.... http://arabmag.blogspot.com/2006/02/2.html
22. المصدر نفسه.
23. يوسف، فاطمة، دراما الطفل (أطفالنا والدراما المسرحية)، دراسة تحليلية، مركز الاسكندرية للكتاب:الاسكندرية، 2007م، ص 47.

24. الوحدة، موقع إلكتروني، 2008،  دراسة حول مسرح الطفل عند السيد حافظ، محاضرة ألقاها نادر القنة، الإسكندرية 10 أغسطس 1988. ورد نصها في كتاب الأشجار تنحني أحيانا: للسيد حافظ. ص.338.


25. هناك عدد من الاتفاقيات العربية والعالمية للحفاظ على حقوق الأطفال في العالم، نورد بعض منها على سبيل المثال وليس الحصر، وهى: إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1934 الذي اعتمدته الجمعية العامة في 30 تشرين الثاني / نوفمبر 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ولاسيما في المادتين 33, 34) وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولاسيما في المادة 10) وفي النظم الأساسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعلنة بخير الطفل. والميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل 1990 الذي بدأ العمل به في 29 نوفمبر 1999 وأحكام الاتفاقية رقم 182 لمنظمة العمل الدولية التي تحظر الأشكال الأسوء لعمل الأطفال والمادة 10 من الميثاق العالمي لحقوق الانسان التي تحظر استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة. بالاضافة إلى الخطة العربية لرعاية الطفولة وحمايتها وتنميتها 1992 والميثاق العربي لحقوق الطفل 1983 و الخطة العربية لثقافة الطفل 1993 و البيان العربي لحقوق الأسرة 1994 واتفاقية منظمة العمل العربية رقم / 18 / لعام 1996 وموادها الـ (39) بشأن عمالة الأحداث والاتفاقية رقم / 182 / لسنة 1999 التي أقرتها الدورة السابعة والثمانون لمؤتمر العمل الدولي وإعلان القاهرة الخاص بمؤتمر الطفولة لعام 2001.
http://www.hrinfo.net/hotcase/2008/0419.shtml


26. حرية الطفل ، موقع إلكتروني، بتاريخ1يونيو2008   http://www.be-free.info/parents

27. النبأ، موقع إلكتروني، بتاريخ1يونيو2008.

28. حمداوي، جميل، مرام، موقع إلكتروني، بتاريخ - النبأ، موقع إلكتروني، بتاريخ 3 يونيو2008. http://www.mrame.net/vb/showthread.php?t=11101

29. حرية الطفل، موقع إلكتروني، المصدر السابق.

30.  شقيرات، محمد عبد الرحمن، المصري، نايل، ص 11 .
31. الرميح، يوسف، أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة المشارك، وكيل كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية ، جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية، تعطيل طاقات الابداع والابتكار لدى الطفل، موقع إلكتروني، بتاريخ 25، يونيو، 2008.

32. دنان، لونه، العنف اللفظي " الإساءة اللفظية " تجاه الأطفال من قبل الوالد، وعلاقة بعض المتغيرات المتعلقة بالأسرة ، النبأ، موقع إلكتروني، بتاريخ1يونيو2008.
                             http://www.annabaa.org/nba47/ounf.htm

33. المرجع السابق، ص 7 .

34. يشير التقرير رقم (53)  الصادر من سلسلة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى يصدرها مركز الأرض ويهدف إلى التعرف على صور التعدى على حقوق الأطفال كما تنشرها الصحف المصرية خلال النصف الثانى من عام 2006، وقد استخدمنا منهج تحليل المضمون للتعرف على رؤية الصحف لحقوق الأطفال وأسفر الرصد عن أن حالات الاعتداء على حقوق الأطفال بلغت (271) حادثة ، وشكلت الاعتداءات الجنسية على الأطفال خارج أو داخل المدرسة والأسرة (45) حالة ، والاعتداءات البدنية على الأطفال (21) حالة . وكانت حالات العنف الأسرى (49) حالة ، وبلغت جملة حالات الإهمال فى الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والغذائية (65) حالة ، أما انتهاك حقوق الأطفال العاملين فقد شكلت (5) حالات ، وبلغت حوادث الأطفال المعرضين للانحراف (14) حالات ، بينما تم رصد (3) حوادث كعنف رسمي ، وبلغت حوادث الطرق وقتل الأطفال والحوادث الأخرى التى لم تندرج تحت اى من التقسيمات السابقة (69) حالة . وبلغت حالات العنف التى أدت إلى موت وقتل الأطفال (146) حالة. فمن جملة 49 حالة عنف أسرى على الأطفال أدت إلى وفاة 33 طفل. وأدى الاعتداء البدنى على الأطفال إلى وفاة 7 منهم. وقد كان هناك حالتى قتل من الـ3 حالات المرصودة فى العنف الرسمى الموجه للأطفال. وأدت الاعتداءات الجنسية إلى قتل 17 طفل من جملة 36 طفل تم الاعتداء الجنسى عليهم. وأخيراً أدت حالات القتل الموثقة إلى مصرع 51 طفل سواء فى حوادث الطرق او بالقتل العمد أو فى حوادث أخرى.وقد نشرت هذه الأخبار خلال النصف الثانى من عام 2006، وبلغت جملة الحوادث فى شهر يوليو (57) خبر، وكلاً من شهور أغسطس و سبتمبر (100) خبر، وشهر أكتوبر (29) خبر، وشهر نوفمبر (40) خبر، وديسمبر (45) خبر. هذا ويتناول التقرير في الجزء التمهيدي مخاطر العنف ضد الأطفال على مستوى العالم والتى تؤدى الى قتل الملايين منهم وإصابة ملايين أخرى بعشرات الأمراض ويؤدى الاهمال والفقر والحروب الى تشريد ووفاة أكثر من مائة مليون طفل فى العالم ويبين التقرير أن العالم مهدد بانهيار مستقبله الأخلاقى إذا لم يتوقف العنف ضد الأطفال
 .
بعد ذلك يتناول التقرير فى الجزء الأول صور الاعتداءات الجنسية الواقعة على الأطفال سواء داخل المدرسة أو الأسرة أو خارج المدرسة أو الأسرة. حيث بلغت جملة الاعتداءات الجنسية على الأطفال (45) حالة. حيث بلغ التعدى الجنسى على الاطفال داخل المدرسة (6) حالات .وقد اسفرت احداث العنف عن الاعتداء الجنسى وهتك العرض ، وكان المعتدين هم المدرسين أو أحد العاملين أو مسئولى المدرسة أو الطلاب أنفسهم. وبلغ عددهم (3) مدرسين و(3) طلاب ذكور ، فى حين كان المجموعه الاخرى من القائمين بالعنف هم الاخصائى الاجتماعى وحارس المدرسه . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (7) اناث وذكرين . فى حين كان عدد الذكور المرتكبة للعنف (8) ذكور . وبلغت الاعتداءات الجنسية الواقعة على الاطفال خارج المدرسة وداخل محيط الأسرة من جانب أقارب الطفل (3) حالات . وفى محيط الأسرة بلغت جرائم الاعتداء (3) حالات أيضاً. وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم طفلتين وطفل واحد فقط . فى حين كان عدد الذكور المرتكبة للعنف (3) ذكور . وكان صلة مرتكب العنف بالمعتدى عليهم من الاطفال هم الاب وزوج الام والاخ . اما الاعتداءات الجنسية الواقعة على الاطفال خارج المدرسة كانت (36) حالة. وبلغت جرائم الاغتصاب وحدها (31) حالة مصاحب لها (6) حالات قتل ، فى حين بلغت احداث كل من محاولة الاغتصاب والتحرش الجنسى حادثتين لكل منهما ، بينما كانت حالات القتل حادثه واحدة فقط . وكان اكثر القائمون بالعنف هم عاطلين فبلغ عددهم (22) عاطل بالتقريب و(5) عمال و(2) عجلاتى ومسجلين خطر سرقات و(2) اصحاب محلات ، و(2) اطفال شوارع ، فى حين كان المجموعه الاخرى من القائمين بالعنف هم موظف وصيدلى وممرض وطبيب اسنان وبائع متجول وسائق وخادم مسجد ولم يذكر عمل للباقين . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (29) طفله و(29) طفل بالتقريب . فى حين كان عدد الذكور المرتكبه العنف (57) ذكر بالتقريب .

ثم يستعرض التقرير في الجزء الثانى حالات الاعتداء البدنى التى وقعت على الاطفال خارج الاسرة حيث بلغت (22) حادثة وكانت لاسباب مختلفة مثل الخطف من اجل الانتقام من اسرة الطفل او السرقة أو طلب الفدية او عدم القدرة على الإنجاب او المشاغبة أثناء الدراسة أو الاختلاف بين الأصدقاء أو إهمال المسئولين أو لبيع الطفل ويرجع البعض الاخر الى غياب رعايه الاسرة او لاسباب مجهوله. وقد اسفرت احداث العنف عن الاختطاف والقتل والسرقه والاصابه والحرق والوفاة والغرق والتسمم والايداع بدور الأحداث ودور الأيتام فبلغت جرائم الاختطاف (8) حوادث من اجل طلب الفديه او الانتقام ، فى حين بلغت جرائم القتل (7) حوادث مصاحب لها (5) حالات من اجل السرقه ، بينما بلغت جرائم السرقه (4) حوادث ، اما حوادث الاصابه فكانت حادثتين ، وحادثه واحدة وفاة نتيجه مشاجرة بين شخصين . وكان اكثر القائمون بالعنف هم الذكور فمنهم (3) اطفال طلاب مدارس وسائقين وسمسارين وعاطلين ومسجلين خطر ، فى حين كان المجموعه الاخرى من القائمين بالعنف هم حلاق وقهوجى وصاحب محل وكهربائى ومبيض ونجار، فأغلبهم من العاطلين والعمال ، اما الاناث القائمون بالعنف فكانوا خادمتين وعامله ولم يذكر عمل للباقين . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (13) طفله و(9) طفل . فى حين كان عدد الاناث المرتكبه العنف حوالى (12) انثى و (27) ذكر.
.
أما الجزء الثالث فهو يستعرض حالات العنف الأسرى التى بلغت (49) حالة ويرجع أغلبها لأسباب رفض الطفل تلبيه احد المطالب او لتبوله لا ارديا او نتيجه الشك فى السلوك او لانجابه من علاقه اثمه او نتيجه كثرة بكاء الطفل او لعبه بالشارع او للانتقام من الطفل لجريمة ارتكبها احد أفراد اسرته او نتيجه للاصابه بأعيرة نارية أو بسبب الغيرة أو بدعوى التأديب أو لبيع الأبناء بسبب الفقر او نتيجه للسرقه او بسبب مرض نفسى أو لرفض الطفل التسول أو للأنتقام من الزوجة.وقد أدت إلى القتل والتعذيب والضرب والحرق والغرق أو إلقاء الأطفال بالشارع او بيعهم فى بعض الأحيان أو هروب الطفل إلى الشارع وبلغت جرائم القتل (33) حادثة مصاحب لها حاله واحدة ايداع بمؤسسه الاحداث ، فى حين بلغ إلقاء الطفل بالشارع (6) حالات ، بينما بلغ الاعتداء بالتعذيب والضرب والكى (4) حوادث ، اما حوادث بيع الاطفال فاحتلت حادثتين وكذلك هروب الطفل او ايداعه بمؤسسه الاحداث حادثتين ، وحادثه واحدة غرق الطفل بيد شقيقته . وكان صلة مرتكب العنف بالمعتدى عليهم من الاطفال هم الام (20) حالة ، الاب (11) حالة ،زوجه الاب (7) حالات ، زوج الام (4) حالات ، بينما كان كل من الاخت والاخ (3) حالات ، ابن العم حالتين ، فى حين كان كل من العمه والجد والخال وزوج الخاله حالة واحدة فقط . بينما كان الأب والأم مرتكبين لأغلب حوادث العنف ضد الأطفال داخل نطاق الأسرة، وكانت الأم وحدها مسئولة ما يقرب من ثلثى العنف الأسرى الذى تم رصده.  أما عدد الذكور القائمون بالعنف فبلغ عددهم حوالى (18) ذكر منهم (4) عمال ، و(3) مزارعين ، وعاطلين ، فى حين كان المجموعه الاخرى من القائمين بالعنف هم كاتب وصاحب كوافير وماسح احذيه ومهندس زراعى ونجار واستورجى وسروجى سيارات ومدرس وبينهم طفل واحد تلميذ. وكما ذكرنا كانت أغلب الحوادث بدون الإشارة لمهنة المعتدى. وقد بلغ عدد الفتيات المعتدى عليهم (27) طفله و(29) طفل . فى حين كان عدد الاناث المرتكبه للعنف حوالى (21) انثى وكان عدد الذكور (29) ذكر.

أما الجزء الرابع فهو يتناول رصد لإهدار حقوق الاطفال الاجتماعية والصحية والتعليمية والغذائية ، وذلك بسبب غياب الرعاية من جانب الوالدين او المسئولين بالدوله او بالمنشأت السكنيه كسقوط الاطفال فى بالوعات الصرف الصحى او سقوطه فى بئر المصعد او لاطلاق اعيرة ناريه طائشه او نتيجه انجاب الطفل من علاقه اثمه او غرق الطفل فى حمام سباحه او سقوط الطفل من شرفه منزله او نتيجه لتعسف دور الايتام . وبلغت هذه الحوادث (36) حادثة وأدت إلى الغرق والوفاة والاصابه أو القتل او ترك الطفل سهوا فى احد الاماكن او الضرب و الإهانة وبلغت حوادث الغرق (12) حادثة ، فى حين بلغت حوادث الوفاة (14) حادثه مصاحبه لها حالتين اصابه ، بينما بلغ حوادث الإصابة (4) حوادث ، اما حوادث الايداع بمؤسسه الاحداث فاحتلت (3) حوادث ، فى حين كانت حوادث ترك الطفل سهوا والضرب والاهانه والقتل حادثه واحدة فقط لكل منهم . وكان اكثر القائمون بالعنف هم المقاولين والموظفين والاداريين والمسئولين وعاطل ومندوب شرطه وعمال وطالبه وربات منازل ولم يذكر عمل الباقين منهم . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (20) طفله و(26) طفل وهذا بالتقريب . كما شهدت هذه الفترة اهمال لحقوق الاطفال فى الرعاية الصحية ويرجع ذلك للاهمال الطبى وسوء الرعاية الطبية من جانب الاطباء وفساد المسئولين وبلغت (13) حادثة . وقد أدت الوفاة والاصابه فبلغت حوادث الوفاة (6) حالات ، فى حين بلغت حوادث الاصابه بعاهه مستديمه (7) حالات. وكان اكثر القائمون بالعنف هم اطباء وطبيبات وممرضات . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (8) اناث و(6) ذكور . اما الاهمال فى الرعاية التعليمية فكان بسبب تعسف وفساد مسئولى المدارس وغياب الرعايه من جانب المشرفين والسائقين الى جانب اعتداء المدرسين على التلاميذ وبلغت (10) حوادث وأدت للإصابة والوفاة والحرق بجانب الرسوب فى الامتحان والاهانه وقد بلغت حوادث الاصابه (5) حالات مصاحب لها حاله واحدة رسوب فى الامتحان ، فى حين بلغت حالات الوفاة (4) حالات مصاحب لها حاله واحدة حرق ، بينما بلغت حالات الضرب والاهانه حالة واحدة فقط . وكان اكثر القائمون بالعنف هم مدرسين ومراقبين ومديرين وسائقين ومشرفين . وبلغ عدد الاطفال المعتدى عليهم (13) طفله وطفل بالتقريب . اما الاهمال فى الرعاية الغذائية فيعود الى تناول الأطفال الطعام الفاسد المنتهي الصلاحية وبلغت (6) حوادث وأدت للاصابه بالتسمم والوفاة فبلغت حوادث الاصابه بالتسمم الى (4) حالات ، وأدت إلى وفاة ثلاث حالات. وكان اكثر القائمون بالعنف هم عمال بمحلات الاغذيه او شركات الالبان ولم يذكر لهم عدد . وبلغ عدد الاطفال المعتدى عليهم ذكور وإناث (69) طفله وطفل بجانب عشرات الأطفال الذين يموتون بسبب تناول الالبان الفاسدة ويذكر أن تقرير الأرض لم يدخل ضمن حصره عن القتلى عدد هؤلاء الأطفال. ويشير الجزء الخامس من التقرير لحالات التعدى على الأطفال العاملين و بلغت (5) حالات إعتداء على حقوق الاطفال العاملين وذلك بسبب سوء المعاملة من جانب اصحاب العمل والاعتداء الجنسى عليهم وحالات الفقر بين الاهالى وأدت إلى القتل والاصابه والادمان والوفاة . وكان مهنة القائمون بالعنف هم مهندس وضابط ودكتورة. وكان مرتكب العنف 3 إناث ورجلين.أما الجزء السادس فهو يتناول الحوادث التى تعرض لها الأطفال المعرضين للانحراف والتى كانت بسبب العنف الاسرى والاهمال فى الرعايه الاسريه والاتجار فى المخدرات والسرقه والنشل واجبار الاطفال على التسول والاعتداء الجنسى وبلغت (14) حادثه .وأدت إلى إيداع الأطفال بمؤسسات الاحداث . وكان من مرتكبى العنف تجاه الأطفال زوج الأم، والأسرة، والأطفال، والمجنى عليه نفسه. وكانت مهن المعتدى هم مسجلين خطر وعاطلين وتجار مخدرات ونشالين ومتسولين وعمال وتلاميذ. وكان عدد المعتدى عليهم من الأطفال الذكور 15 و3 فتيات.

الجزء السابع يتناول العنف الرسمى الموجه للأطفال وذلك أثناء أحد اشتباكات بين فريقى كرة قدم أو بسبب التعبير عن الرأي أو دهس أحد رجال الشرطة أحد الأطفال وبلغت (3) حوادث. وأدت إلى القتل او الرسوب فى الامتحان فمن جملة التعديات الثلاث المرصودة قتل طفلان. وكان اكثر القائمون بالعنف هم امناء شرطه وجنود بالأمن المركزى ومسئولى بوزاره التربيه والتعليم . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم طفله واحدة وطفلين ذكور . أما الجزء الثامن فهو يتناول رصد لحوادث الطرق والحوادث العمد للأطفال والحوادث الأخرى المتنوعة التى لم تندرج تحت أى من التقسيمات السابقة للعنف الواقع على الأطفال بسبب انفجار احد المخلفات او السقوط بغرفه ماكينه الرى او بسبب لدغه ثعبان سام او بسبب اختلال التوازن او نتيجة الغرق لعدم اجادة السباحة او غياب رعايه المسئولين او نتيجة السرعة الجنونية للسيارات او الدهس بالقطار او القفز منه اثناء سيره او الانتحار للرسوب فى الامتحان او الحرق بسبب اندلاع النيران او نتيجة الصعق بالكهرباء او الاصابه من احد الحيوانات او بسبب استعمال مبيد حشرى ضار او بسبب أعيرة نارية طائشة او نتيجة لانهيار المنازل وبلغت (69) حادثة . وأدت إلى الوفاة والاصابه والغرق والحرق فبلغت حالات الوفاة (51) طفل وكان مصاحب لها (8) حالات اصابه وحالتين غرق ، فى حين بلغت حالات الاصابه (7) حوادث ، بلغت حالات الغرق (10) حوادث ، وحادثه واحدة حرق . وكان اكثر القائمون بالعنف هم السائقين فبلغ عددهم (15) سائق ، فى حين كان المجموعه الاخرى من القائمين بالعنف هم مزارع وعامل وموظف وفنان تشكيلى وبينهم طالب وتلميذ ولم يذكر عمل للباقين . وبلغ عدد الاناث المعتدى عليهم (60) طفله و(70) طفل بالتقريب . فى حين كان عدد الاناث المرتكبه العنف انثى واحدة فقط وكان عدد الذكور (23) ذكر وهذا بالتقريب . ويشير التقرير فى قسمه الأخير الى بعض النتائج ومن أهمها : تزايد معدلات العنف فى النصف الثانى من عام 2006 بلغ فى النصف الأول 223 حالة عنف وأدى إلى قتل ووفاه 140 طفل ، أما فى النصف الثانى فقد زادت الحالات الى 271 حالة عنف وأدت الى وفاة 146 طفل وخلال العام بأكمله 2006 سنجد (504) حالة عنف تجاه الأطفال أدت إلى قتل ووفاه (286) طفل خلال العام. وهذه الأرقام بمفردها تعبر عن حجم سوء معاملة الأطفال وإيذاءهم.

35. القدس، موقع إلكتروني، 2008، مسرحية فلسطينية حول العنف الاسري في المجتمع، الثلاثاء فبراير 12 2008 . http://www.alquds.com/node/6147


36. وناس، جبار، المهرجان السنوي الرابع للمسرح المدرسي بالعراق، حدود الانجاز والتجاوز، موقع إلكتروني،2008. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=100487



1 comment:

  1. دراسة جيدة وكان لي الشرف انني اعمل مع اطفال الشوارع علي التنمية من خلال الفن وكان اخرها تجربة رائعة علي مدار ثلث شهور داخل احي المؤسسات التي ترعي اطفال السوارع بمصر

    ReplyDelete